والولد، والقول بأنه لا يقدر على إحياء الموتى، وأنه لا يبعث البشر رسلًا.
والثاني: إثبات الشركاء والأنداد له تعالى، فالكفر المذكور أولًا مغاير لإثبات الأنداد له؛ ضرورة عطف أحدهما على الآخر.
﴿ذَلِكَ﴾ العظيم الشأن، الذي فعل ما ذكر من خلق الأرض في يومين، وهو مبتدأ، خبره: قوله: ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي: خالق جميع الموجودات ومربيها دون الأرض خاصة، فكيف يتصور أن يكون أخس مخلوقاته ندًا له تعالى؟ وعبارة المراغي هنا: ﴿ذَلِكَ﴾ الذي (١) خلق الأرض في نوبتين - نوبةً جعلها جامدةً بعد أن كانت كرةً غازيةً، ومرةً جعلها ستًا وعشرين طبقةً في ستة أطوار، كما بين ذلك علماء طبقات الأرض الجيولوجيا - هو ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ لا ربها وحدها، فهو مربي المخلوقات جميعًا، فإن رباها في نوبتين.. فقد ربى غيرها في نوبات، يعلم سبحانه عددها، فكيف يكون شيء منها ندًا له، وضريبًا؟
١٠ - ثم بين أحكام ذلك الخلق وحسن تدبيره، فقال: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا﴾؛ أي: في الأرض ﴿رَوَاسِيَ﴾؛ أي: جبالًا ثوابت ﴿مِنْ فَوْقِهَا﴾؛ أي: من فوق الأرض، وهو معطوف على ﴿خَلَقَ﴾: داخل في حكم الصلة؛ أي: كيف تكفرون بالذي خلق الأرض في يومين، وجعل فيها رواسي من فوقها، والجعل (٢): إبداعي، والمراد: تقدير الجعل، لا الجعل بالفعل، والمراد بالرواسي: الجبال الثابتة المستقرة، و ﴿مِنْ فَوْقِهَا﴾ متعلق بجعل أو بمضمر، هو صفة لـ ﴿رَوَاسِيَ﴾؛ أي: كائنةً (٣) من فوقها، مرتفعة عليها، لتكون منافعها ظاهرةً للطلاب، وليظهر للناظر ما فيها من وجوه الاستدلال، وإلا فالجبال التي أثبتت فوق الأرض لا تمنعها عن الميدان، ولو كانت تحتها كأساطين الغرف، أو مركوزة فيها كالمسامير. لمنعتها عنه.
والمعنى (٤): أي كائنةً من فوق الأرض، ليرى الإنسان بعينه، وليتفكر بقلبه أن الجبال أثقال على أثقال، وكلها مفتقرة إلى ممسك وحافظ، وما ذاك الحافظ المدبر إلا الله تعالى، ولو جعل في الأرض رواسي من تحتها.. لأوهم ذلك أن تلك الأساطين التحتانية هي التي أمسكت هذه الأرض الثقيلة عن النزول، وقيل: جملة

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٤) المراح.


الصفحة التالية
Icon