عليم بكل ما يفعل، وهو المجازي له على ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمَّا ذكر في الآيات السابقة. أن أحسن الأعمال والأقوال هو الدعوة إلى الله تعالى.. (١) أردفه بذكر الدلائل على وجوده تعالى وقدرته وحكمته؛ تنبيهًا إلى أنَّ الدعوة إلى الله تقرير الدلائل على ذاته وصفاته، ثمّ ذكر منها الدلائل الفلكية، وهي الليل والنهار والشمس والقمر، ثمّ أتبعها بآيات أرضية تشاهد رأْي العين في كل حين؛ وهي حال الأرض حين خلوِّها من المطر والنبات، ثم حالها بعد نزول المطر، فهي تنتعش بعد أن كانت ميتةً، وتهتزّ بعد أن كانت ساكنةً، والذي أحياها هو الذي يحيي الموتى، إنه على كل شيء قدير.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه (٢) لما بيّن أنّ الدعوة إلى دين الله أسمى المقاصد، وأنها إنما تحصل بذكر دلائل التوحيد وصحة البعث يوم القيامة.. أعقب هذا بتهديد من ينازع في تلك الدلائل بإلقاء الشبهات، ثم هدّدهم بضروب من التهديد، فهدّدهم بقوله: ﴿لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾ وبقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، وبقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ...﴾ إلخ.
قوله تعالى: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما هدَّد الملحدين في آياته.. سلّى رسوله على ما يصيبه من أذى المشركين وطعنهم في كتابه، وحثّه على الصبر، وأن لا يضيق صدره بما حكاه عنهم من نحو قولهم: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾. وقولهم: ﴿فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ فما قاله أولئك الكفار في شأنه وشأن ما أنزل إليه من القرآن.. لا يعدو شأن ما قاله أمثالهم من الأمم السابقة، ثم أجاب عن شبهة قالوها، وهي: هلا نزل القرآن بلغة العجم، بأنه لو نزل كما يريدون.. لأنكروا أيضًا، وقالوا: ما لنا ولهذا، ثمَّ ذكر أنَّ القرآن هدايةٌ وشفاء للمؤمنين، والذين لا يؤمنون به في آذانهم صمم عن سماعه، ثم ذكر أنَّ الاختلاف في شأن الكتب عادة قديمة للأمم، فقومك ليسوا ببدع فيها بيت الأمم، ثم أبان أن المرء وما عمل، فمن أحسن فلنفسه، ومن

(١) المراغي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon