وقال محمود الورّاق:
سَأُلْزِمُ نَفْسِيْ الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُذْنِبٍ | وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْهُ لَدَيَّ الْجَرَائِمُ |
فَمَا النَّاسُ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ ثَلاَثَة | شَرِيْفٌ وَمَشْرُوْفٌ وَمِثْلٌ مُقَاوِمُ |
فَأمَا الَّذِيْ فَوْقِيْ فَأَعْرِفُ قَدْرَهُ | أتَبِّعُ فِيْهِ الْحَقَّ وَالْحَقُّ لَازِمُ |
وَأمَّا الَّذِيْ دُوْنِيْ فَإِنْ قَالَ صُنْتُ عَنْ | إِجَابَتِهِ عِرْضِيْ وَإنْ لَامَ لاَئِمُ |
وَأمَّا الَّذِيْ مِثْلِيَ فَإِنْ زَلَّ أَوْ هَفَا | تَفَضَّلْتُ إِنَّ الْفَضْلَ بِالْحِلْمِ حَاكِمُ |
إِنَّ الْعَدَاوَةً تَسْتَحِيْلُ مَوَدَّةً | بِتَدَارُكِ الْهَفَوَاتِ بِالْحَسَنَاتِ |
والمعنى: فإذا فعلت مع عدوك ما ذكر.. فاجأك في الحضرة انقلابه وصيرورته مشابهًا في المحبة بالصديق الذي لم تسبق منه عداوة. اهـ شيخنا.
٣٥ - ثم نبه إلى عظيم فضل هذه الطريقة بقوله: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا﴾؛ أي: وما يلقى هذه الخصلة الحميدة والفعلة الجميلة، وهي دفع السيئة بالحسنة.
وقرأ طلحة بن مصرف وابن كثير (٢): ﴿وما يلاقاها﴾ من الملاقاة من باب فاعل المعتل، وقرأ الجمهور ﴿وما يلقى﴾ من التلقية من فعل المضعف كزكى، كأن هذه الخصلة الشريفة غائبة؛ أي: ما يصادفها وما يوافقها وما يعطاها ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ على تحمل المكاره، وتجرع الشدائد، وكظم الغيظ، وترك الانتقام؛ أي: إلا الذين شأنهم الصبر، فإنه يحبس النفس عن الانتقام؛ أي: وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا الصابرون على تحمل المكاره، وتجرع الشدائد، وكظم الغيظ، وترك
(١) الفتوحات.
(٢) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.