نفس أو بعض الأنفس ﴿يَا حَسْرَتَا﴾ بالألف بدلًا من ياء الإضافة؛ إذ أصله يا حسرتي، تقول العرب: يا حسرتي يا لهفي، ويا حسرتا ويا لهفا، ويا حسرتاي ويا لهفاي، بالجمع بين العوضين، تقول هذه الكلمة في نداء الاستغاثة، كما في "كشف الأسرار" والحسرة: الغم على ما فاته، والندم عليه، كأنه انحسر الجهل عنه، الذي حمله على ما ارتكبه، وقال بعضهم الحسرة: أن تاسف النفس أسفًا تبقى منه حسيرة؛ أي: منقطعة.
والمعنى: يا حسرتي ويا ندامتي احضري، فهذا أوان حضورك لأتعجب منك.
وقرأ الجمهور (١): ﴿يَا حَسْرَتَا﴾ بالألف بدلًا من الياء المضاف إليها، والأصل: يا حسرتي، وقرأ أبو جعفر: ﴿يا حسرتي﴾ بالياء على الأصل، وقرأ ابن كثير: ﴿يا حسرتاه﴾ بهاء السكت وقفًا.
﴿عَلَى مَا فَرَّطْتُ﴾؛ أي: على تفريطي وتقصيري، فـ ﴿مَا﴾ مصدرية. ﴿فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾؛ أي: في جانبه وحقه، وهو طاعته وإقامة حقه، وسلوك طريقه، وقيل في أمره، وحدّه الذي حده لنا. ﴿وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ ﴿إنَّ﴾ هي (٢) المخففة، و ﴿اللام﴾: هي الفارقة، والسخر: الاستهزاء، ومحل الجملة: النصب على الحال، والمعنى: فرطت، والحال أني كنت في الدنيا من المستهزئين بدين الله، وأهله، قال قتادة: لم يكفهم ما ضيعوا من طاعة الله تعالى، حتى سخروا بأهل طاعته.
والخلاصة (٣): بادروا إلى العمل، واحذروا أن تقول بعض الأنفس يا حسرتا على تقصيري في طاعة الله، وسخريتي واستهزائي بدين الله وكتابه وبرسوله وبالمؤمنين.
٢ - ٥٧ ﴿أَوْ تَقُولَ﴾ نفس ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾ بالإرشاد إلى الحق، ﴿لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ من الشرك والمعاصي.
والمعنى: أي أو تقول لو أن الله أرشدني إلى دينه وطاعته.. لكنت ممن اتقى

(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon