منها: ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "ما منكم أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله.. إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء" أخرجه مسلم وغيره.
وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب دري في السماء إضاءة".
وأخرج الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد أن رسول الله - ﷺ - قال: "في الجنة ثمانية أبواب، منها: باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون". وقد ثبت كون أبواب الجنة ثمانية بالأحاديث الصحيحة، منها: ما ذكر آنفًا، ومنها: قوله - ﷺ -: "إن للجنة لثمانية أبواب، ما منها بابان إلا بينهما يسير الراكب سبعين عامًا، وما بين كل مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة". وفي رواية: "كما بين مكة وبصرى". وكون أبواب جهنم سبعة فمذكور بقوله تعالى: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤)﴾.
ثم أخبر سبحانه أن خزنة الجنة يسلمون على المؤمنين، فقال: ﴿وَقَالَ لَهُمْ﴾؛ أي: للمتقين عند دخولهم الجنة ﴿خَزَنَتُهَا﴾؛ أي: حفظة الجنة، رضوان وغيره من الملائكة: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ من جميع المكاره والآلام، فلا يعتريكم مكروه، وهذا لعوام أهل الجنة، وأما خواصهم، فيقول الله لهم: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)﴾. فإن السلام في الجنة من وجوه:
فالسلام الأول: وإن كان سلام الله، ولكن بالواسطة.
والثاني: سلام خاص بلا واسطة بعد دخولهم الجنة ﴿طِبْتُمْ﴾ نفسًا بما أتيح لكم من النعيم المقيم، وقد يكون المعنى: طبتم في الدنيا، فلم تدنسوا أنفسكم بالشرك والمعاصي، وطاب سعيكم وطاب جزاؤكم ﴿فَادْخُلُوهَا﴾؛ أي: الجنة حالة كونكم ﴿خَالِدِينَ﴾ فيها؛ أي: ماكثين فيها أبدًا، لا زوال ولا فناء ولا تحول عنها.
و ﴿الفاء﴾: للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم، سواء كان طيبًا بعفو أو بتعذيب، إذ كل منهما مطهر، وإنما طهر ظاهرهم؛ لحسن إقرارهم