بالثواب أو بالعقاب، أو يتجاوز بالعفو بحسب ما تقتضيه مشيئته، المبنية على الحكم والمصالح. وفي "التأويلات النجمية": ويعلم ما تفعلون من السيئات والحسنات، مما لا تعلمون أنها من السيئات والحسنات، فبتلك الحسنات يعفو عن السيئات، وفي هذا حث على لزوم الحذر منه تعالى، والإخلاص له وإمحاض التوبة.
وقرأ الجمهور (١): ﴿مَا تَفْعَلُونَ﴾ بياء الغيبة، وقرأ عبد الله وعلقمة وحمزة والكسائي وخلف وحفص: ﴿مَا تَفْعَلُونَ﴾ بتاء الخطاب، واختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم؛ لأن هذا الفعل وقع بين خبرين.
٢٦ - والموصول في قوله: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ في موضع نصب على المفعولية، والفاعل ضمير يعود على الله سبحانه؛ أي: يستجيب الله سبحانه، للذين آمنوا دعاءهم ويعطيهم ما طلبوه منه. يقال: استجاب وأجاب بمعنًى وقيل: المعنى: يقبل الله عبادة الذين آمنوا، وعملوا الصالحات؛ أي: يقبل عبادة المؤمنين المخلصين، ويثيبهم على طاعاتهم، يعني: يعطيهم الثواب في الآخرة. والإثابة (٢) معنى مجازي للإجابة؛ لأن الطاعة لما شبهت بالدعاء، باعتبار ما يترتب عليها من الثواب، كانت الإثابة عليها، بمنزلة إجابة الدعاء، فعبر بها عنها، وقيل: إن الموصول في محل رفع على الفاعلية؛ أي: يجيب الذين آمنوا ربهم إذا دعاهم إلى طاعته، كقوله: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ﴾، والأول أولى باعتبار السياق ﴿وَيَزِيدُهُمْ﴾ الله سبحانه على ما طلبوه، أو على ما يستحقونه من الثواب ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ وكرمه وجوده ما يشاء تفضلًا وكرمًا منه، وهو معطوف على ﴿يَسْتَجِيبُ﴾ على الوجه الأول أعني: نصب الموصول، وعلى الوجه الثاني، أعني: رفع الموصول يكون قوله. ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ معطوفًا على مقدر تقديره: ويستجيبون لله تعالى بالطاعة، ويزيدهم على ما استحقوه من الثواب تفضلًا منه، وقيل: معنى ويزيدهم من فضله: يشفعهم في إخوانهم.

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon