والمعنى (١): أي ويجيب الذين آمنوا إذا دعوه، ويزيدهم من فضله على ما طلبوه بالدعاء.
وبعد أن ذكر ما أعده للمؤمنين من الثواب، أردف بما أعده للكافرين من العذاب فقال: ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ﴾ يوم القيامة ﴿عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾؛ أي: وجيع مؤلم بدل ما للمؤمنين من الثواب والفضل المزيد، فالمؤمنون استجاب لهم دعاءهم وزادهم من فضله، وهؤلاء الكفرة لا يستجيب لهم دعاءً ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾.
٢٧ - ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ﴾؛ أي: لجمعيهم، ووسعه عليهم ﴿لَبَغَوْا﴾؛ أي: جميعهم ﴿فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: لطغوا وعصوا وأفسدوا فيها، لأن الغنى مبطرة مأشرة؛ أي: داع إلى البطر والأشر، أو لظلم بعضهم بعضًا، وقيل: المعنى: لو جعلهم سواءً في الرزق لما انقاد بعضهم لبعض، ولتعطلت الصنائع، قال ابن عباس رضي الله عنهما: بغيهم في الأرض، طلبهم منزلة بعد منزلة ومركبًا بعد مركب. وملبسًا بعد ملبس، وقال بعضهم: لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب، لتفرغوا للفساد في الأرض، ولكن شغلهم بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد، ونعم ما قيل:
إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ | مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَهْ |
وذكروا في كون بسط الرزق موجبًا للطغيان وجوهًا (٢):
الأول: أن الله لو سوى في الرزق بين الكل. امتنع كون البعض محتاجًا إلى البعض، وذلك يوجب خراب العالم وتعطيل المصالح.
(٢) الفتوحات.