الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وقوله: لا يرد القدر إلخ؛ لأن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لدفع البلاء، وجلب الشرح؛، كما أن الترس سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض، وقال الضحاك: ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب، وأي معصية أقبح من نسيان القرآن، وتلا الآية.
وقرأ نافع وابن عامر (١): ﴿بما كسبت﴾ بغير فاء، وقرأ الباقون بالفاء. و ﴿ما﴾ في قوله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ﴾ هي الشرطية، ولهذا دخلت الفاء في جوابها، على قراءة الجمهور، ولا يجوز حذفها عند سيبويه والجمهور، وجوز الأخفش الحذف كما في قوله: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾، وقول الشاعر:

مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ الله مِثْلَانِ
وقيل: هي الموصولة، فيكون الحذف والإثبات جائزين، والأول أولى، وقال الزجاج: إثبات الفاء أجود؛ لأن الفاء مجازاة جواب الشرط، ومن حذف الفاء، فعلى أن ﴿ما﴾ في معنى الذي، وقال بعضهم: ﴿ما﴾ موصول مبتدأ، دخلت الفاء في خبره، لتضمنه معنى الشرط.
والمعنى: والذي أصابكم، فواقع بما كسبت أيديكم، قال الحسن: المصيبة هنا: الحدود على المعاصي، والأولى العمل على العموم، كما يفيده وقوع النكرة في سياق النفي، ودخول من الاستغراقية عليها.
﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ من الذنوب التي يفعلها العباد، فلا يعاقب عليها، ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة، وهذا من تتمة قوله: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾.
والمعنى (٢): أي وما يحل بكم أيها الناس، من المصائب في الدنيا، فإنما تصابون به عقوبة لكم، على ما اجترحتم من الآثام، واقترفتم من الشرور والمعاصي، ويعفو لكم عن كثير من جرائمكم، فلا يعاقبكم بها، وقد ثبتت الأدلة
(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon