العربي: الشورى ألفة للجماعة، وصقال للعقول، وسبب إلى الصواب، وما تشاور قوم إلا هدوا، ولأمرٍ ما أصبحت الحكومات في العصر الحاضر، لا تبتُّ في مهام الأمور، إلا إذا عرضت على مجالس الشورى - البرلمان، مجلس الشيوخ، والنواب - وكأني بك قد سمعت قول بشار بن برد في فوائد الشورى:
إِذَا بَلَغَ الرَّأيُ الْمَشُوْرَةَ فَاسْتَعِنْ | بِرَأيِ لَبِيْبٍ أَوْ مَشوْرَةِ حَازِمِ |
وَلاَ تَجْعَلِ الشُّوْرَى عَلَيْكَ غَضَاضَةً | فَرِيْشُ الْخَوَافِيْ قُوَّةٌ لِلْقَوَادِمِ |
وَمَا خَيْرُ كَفٍّ أَمْسَكَ الْغِلُّ أُخْتَهَا | وَمَا خَيْرُ كَفٍّ لَمْ تُؤَيَّدْ بِقَائِمِ |
وقوله:
٨ - ﴿وَ﴾ الذين ﴿مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ من الأموال ﴿يُنْفِقُونَ﴾ في سبيل الخير، ويتصدقون منه على المحاويج، معطوف على الصلة أيضًا، ولالتفات إلى إنفاق الكافر، فإنه لم يستجب لربه بالإيمان والطاعة، فخيره محبط بكفره.
ولعل (١) فصله عن قرينه بذكر المشاورة، لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات، كما في "الإرشاد". قال سعدي المفتي: ثم إن إدخال هذه الجملة يعني: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ بين خصال الإيمان، لعله لمزيد الاهتمام بشأن المشاورة، للمبادرة إلى التبيه على أن استجابتهم للإيمان كانت عن بصيرة، ورأي سديد، انتهى.
(١) روح البيان.