﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ وزنه يفع، حذفت منه الواو في رسم المصحف لغير داع، ولا يصح عطفه على ﴿يَخْتِمْ﴾؛ لأن الباطل ممحو لا محالة، فالمشيئة تتعلق بمحوه لا محالة، ولهذا الحذف نظائر في المصحف، كقوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ﴾ الإسراء، وقوله: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ القمر. وقوله: ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)﴾ العلق. وقوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ التحريم.
قوله: ﴿لَبَغَوْا﴾ أصله: لبغيوا، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، فالتقى ساكنان، فحذفت الألف. ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ﴾ أصله: أصوبكم بوزن أفعل، نقلت حركة الواو إلى الصاد، ثم قلبت ألفًا لتحركها في الأصل، وفتح ما قبلها في الحال. ﴿مُصِيبَةٍ﴾ أصله: مصوبة بوزن مفعلة، نقلت حركة الواو إلى الصاد، فسكنت إثر كسرة، فقلبت ياءً حرف مدّ.
﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ أصله: يعفو، بوزن يفعل، سكنت ﴿الواو﴾ لوقوعها متطرفة إثر ضمة. ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ قال أهل اللغة: أعجزته: أي: صيرته عاجزًا، وأعجزته فيه سبقته. ﴿الْجَوَارِ﴾ السفن، وهي بحذف الياء في الخط؛ لأنها من ياءات الزوائد، وبإثباتها وحذفها في اللفظ في كل من الوصل والوقف، وقد قرىء بها جميعها. قال أبو حيان: جمع جارية، وهي صفة جرت مجرى الأسماء، فوليت العوامل.
وقال الشهاب الحلبي: فإن قلت: الصفة متى لم تكن خاصة بموصوفها، امتنع حذف الموصوف، فلا تقول: مررت بماش؛ لأن المشي عام، وتقول: مررت بمهندس وكاتب، والجري ليس من الصفات الخاصة بالموصوف، وهو السفن، فلا يجوز حذفه.
والجواب: أن محل الامتناع إذا لم تجر الصفة مجرى الجوامد، بأن تغلب عليها الاسمية، كالأبطح والأبرق، وإلا جاز حذف الموصوف، وعلى هذا فقوله: ﴿فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾ حالان، انتهى. وإلى هذا يشير صنيع الجلال، حيث فسر الجوار بالسفن فقط، ولم يفسرها بالسفن الجارية، ففيه إشارة إلى أن المراد


الصفحة التالية
Icon