والختان والنكاح، وإيقاع الطلاق، والغسل من الجنابة، وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة، وكان رسول الله - ﷺ - على ما كانوا عليه في مثل هذه الشرائع، وكان يوحد، ويبغض اللات والعزى، ويحج ويعتمر، ويتبع شريعة إبراهيم عليه السلام، ويتعبد بها حتى جاءه الوحي، وجاءته الرسالة.
والمعنى: أي (١) ما كنت قبل الأربعين، وأنت بين ظهراني قومك، تعرف ما القرآن، ولا تفاصيل الشرائع، ومعالمها على النهج الذي أوحينا به إليك، وقيل: معنى الآية: ما كنت تدري قبل الوحي كيف تقرأ القرآن، ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ﴾؛ أي: الروح الذي أوحينا إليك، والجعل بمعنى التصيير، لا بمعنى الخلق، وحقيقته أنزلناه؛ أي: ولكن جعلنا الروح والقرآن الذي أوحيناه إليك ﴿نُورًا﴾ وضياء، ودليلًا على التوحيد ﴿نَهْدِي﴾ ونرشد ﴿بِهِ مَنْ نَشَاءُ﴾ هدايته ﴿مِنْ عِبَادِنَا﴾ بالتوفيق، وهو الذي يصرف اختياره نحو الاهتداء به ﴿وَإِنَّكَ﴾ يا محمد ﴿لَتَهْدِي﴾ بهذا النور، وترشد من نشاء هدايته ﴿إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وطريق قويم الذي هو الإِسلام، وسائر الشرائع والأحكام، وقوله (٢): ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي﴾ تقرير لهدايته تعالى، وبيان لكيفيتها ومفعول ﴿لَتَهْدِي﴾ محذوف ثقة بغاية الظهور، كما قدرناه.
والمعنى: أي ولكن جعلنا هذا القرآن نورًا عظيمًا، نهدي به من نشاء هدايته من عبادنا، ونرشده إلى الدين الحق، وإنك لتهدي بذلك النور، من نشاء هدايته إلى الحق القويم. ونحو الآية قوله: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ الآية.
وقرأ الجمهور (٣) ﴿لَتَهْدِي﴾ مبنيًا للفاعل مضارع هدى، وقرأ ابن حوشب: مبنيًا للمفعول، إجابة سؤاله - ﷺ - ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾. وقرأ ابن السميقع: بضم التاء وكسر الدال، من أهدى الرباعي، وعن الجحدري مثلها، ومثل قراءة

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon