الأول: كون الخالق جسمًا محدثًا، لمشابهة الولد له، فلا يكون إلهًا ولا خالقًا.
والثاني: الاستخفاف به، إذ جعلوا له أضعف نوعي الإنسان وأخسهما.
ثم أكد كفرهم بقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ﴾؛ أي: إن الكافر، يعني: قائل ذلك ﴿لَكَفُورٌ﴾؛ أي: لجحود بنعم ربه التي أنعمها عليه ﴿مُبِينٌ﴾؛ أي: ظاهر كفره لمن تأمل حاله وتدبر أمره؛ لأن نسبة الولد إليه كفر، والكفر أصل الكفران كله، ولذلك يقولون ما يقولون سبحانه وتعالى عما يصفون.
١٦ - ثم زاد في الإنكار عليهم والتعجب من حالهم، فقال: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ وأم (١) منقطعة، مقدرة ببل الإضرابية، وبالهمزة، على أنها للإنكار والتوبيخ، والتعجب من شأنهم، وتنكير بنات لتربية الحقارة، كما أن تعريف البنين في قوله: ﴿وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ لتربية الفخامة، وقدم البنات لكون المنكر عليهم نسبتهن إلى الله تعالى، فكان ذكرهن أهم بالنظر إلى مقصود المقام، والالتفات إلى خطابهم لتأكيد الإلزام وتشديد التوبيخ، والإصفاء: الإيثار.
والمعنى (٢): بل أأتخذ من خلقه البنات، التي هي أخس الصنفين، واختار لكم البنين، الذين هم أفضلهما على معنى: هبوا أنكم اجترأتم على إضافة جنس الولد إليه سبحانه وتعالى، مع ظهور استحالته وامتناعه، أما كان لكم شيء من العقل، ونبذة من الحياء، حتى اجترأتم على ادعاء أنه تعالى آثركم على نفسه، بخير الصنفين وأعلاهما، وترك لنفسه شرهما وأدناهما، فإن الإناث كانت أبغض الأولاد عندهم، ولذا وأدوهن، ولو اتخذ لنفسه البنات، وأعطى البنين لعباده، لزم أن يكون حال العبد أكمل، وأفضل من حال الله، ويدفعه بديهة العقل، فما أنتم إلا حمقى جهلاء، ونحو الآية قوله: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)﴾ جائرة.
(٢) روح البيان.