تكذيبه تكذيب لمن سواه، وما بعد الإصرار على الكفر، إلا النقمة والإهلاك، فقال تعالى: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ إلخ؛ أي: فانتقمنا من الأمم المكذبة للرسل، بأنواع من العذاب كعذاب قوم نوح وعاد وثمود، فانظر أيها المخاطب كيف كان مصير أمر المكذبين من تلك الأمم، كيف بادوا وهلكوا، وإن آثارهم موجودة عبرة للناظر المعتبر، وهذا وعيد وتهديد لأهل مكة، وسلوة للرسول - ﷺ -، وإرشاد له، إلى عدم الاكتراث بشأن قومه من رسالته.
الإعراب
﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥)﴾.
﴿حم (١)﴾: تقدم القول فيه معنى وإعرابًا، فلا عود ولا إعادة، ﴿وَالْكِتَابِ﴾: ﴿الواو﴾: حرف جر وقسم، ﴿الكتاب﴾: مقسم به، مجرور بواو القسم، الجار والمجرور متعلق بفعل قسم، محذوف وجوبًا، وجملة القسم مسأنفة، أو معطوفة على القسم قبله، إن قلنا إن ﴿حم﴾ قسم أيضًا، ﴿الْمُبِينِ﴾: صفة لـ ﴿الكتاب﴾، ﴿إِنَّا﴾: ناصب واسمه، ﴿جَعَلْنَاهُ﴾: فعل وفاعل ومفعول أول، ﴿قُرْآنًا﴾: مفعول ثان، ﴿عَرَبِيًّا﴾: صفة ﴿قُرْآنًا﴾، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر ﴿إنّ﴾، وجملة ﴿إنّ﴾ جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، ﴿لَعَلَّكُمْ﴾: ﴿لعل﴾ حرف نصب وتعليل، مستعارة لكي التعليلية، والكاف: اسمها، وجملة ﴿تَعْقِلُونَ﴾: خبرها، وجملة ﴿لعل﴾: جملة تعليلية، لا محل لها من الإعراب، أو مجرورة بلام التعليل، المقدرة المتعلقة بـ ﴿جَعَلْنَاهُ﴾، ﴿وَإِنَّهُ﴾: ﴿الواو﴾: عاطفة، ﴿إنّه﴾: ناصب واسمه، ﴿فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾: متعلق بمحذوف خبر ﴿إنّ﴾؛ أي: مثبت ﴿فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾، ﴿لَدَيْنَا﴾ ظرف متعلق بمحذوف حال من ﴿أُمِّ الْكِتَابِ﴾ أو بدل من الجار والمجرور قبله؛ أي: محفوظ الدينا، ﴿لَعَلِيٌّ﴾: اللام: حرف ابتداء، ﴿عليّ﴾: خبر ثان لـ ﴿إنّ﴾، ﴿حَكِيمٌ﴾: خبر ثالث لها، وجملة ﴿إنّ﴾ معطوفة على جملة ﴿إنّ﴾ الأولى، على كونها جوابًا


الصفحة التالية
Icon