معبودكم إن كانت موصولة حذف عائدهما
٢٧ - ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ وخلقني استثناء (١) منقطع إن كانوا عبدة الأصنام؛ أي: لكن الذي خلقني لا أبرأ منه، أو متصل على أن ما تعم أولي العلم وغيرهم، وأنهم يعبدون الله والأصنام، أو صفة على أن ما موصوفة؛ أي: إني بريء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني، فإن ﴿إلا﴾، بمعنى غير، لا يوصف بها إلا جمع منكور غير محصور، وهو هنا آلهة، كما هو مذهب ابن الحاجب ﴿فَإِنَّهُ﴾؛ أي: فإن الذي فطرني ﴿سَيَهْدِينِ﴾؛ أي: سيثبتني على الهداية، أو سيهديني إلى ما وراء الذي هداني إليه إلى الآن، ولذا أورد كلمة التسويف هنا، بعدما قال في الشعراء: فهو يهدين بلا تسويف، والأوجه أن السين للتأكيد دون التسويف، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار؛ أي: دوام الهداية حالًا واستقبالًا، فهو هاديه في المستقبل والحال.
والمعنى: أي واذكر (٢) أيها الرسول لقومك قريش المنكبين على تقليد الآباء والأجداد في عبادة الأصنام، كيف تبرأ إبراهيم من أبيه وقومه، حين رآهم عاكفين على عبادة الأصنام، حين قال لهم: إني بريء مما تعبدون إلا من عبادة الله الذي خلقني، وخلق الناس جميعًا، وإنه سيهديني إلى سبيل الرشاد، ويوفقني إلى اتباع الحق؟ وقد جزم بذلك لثقته بربه ولقوة يقينه. فينبغي لكم يا أهل مكة أن تقتدوا به في ترك تقليد آبائكم الأقربين وترجعوا إلى النظر واتباع الحق.
وقرأ الجمهور (٣): ﴿بَرَاءٌ﴾ بفتح الباء وألف وهمزة بعد الراء، وهو مصدر يستوي فيه المفرد والمذكر ومقابلهما، يقال: نحن البراء منك، وهي لغة أهل العالية، وبها قرأ الأعمش. وقرأ الزعفراني والقورحي عن أبي جعفر وابن المناذري عن نافع بضم الباء بزنة طوال، يقال: طويل وطوال وبريء وبراء، وهي لغة نجد وقرأ الأعمش: ﴿إنِّي﴾ بنون مشددة دون نون الوقاية، والجمهور ﴿إِنَّنِي﴾ بنونين الأولى مشددة.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.