من كيد النبي - ﷺ -؛ لأنهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق ﴿وَنَجْوَاهُمْ﴾؛ أي: ما يتناجون ويتحدثون به فيما بينهم بطريق التناجي، والتشاور في شأن النبي - ﷺ - ﴿بَلَى﴾ نحن نسمعهما، ونطلع عليهما ﴿وَرُسُلُنَا﴾ الذين يحفظون عليهم أعمالهم، ويلازمونهم أينما كانوا ﴿لَدَيْهِمْ﴾؛ أي: عندهم ﴿يَكْتُبُونَ﴾؛ أي: يكتبونهما، أو يكتبون كل ما صدر منهم من الأفعال والأقوال، التي من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم، ثم تعرض عليهم يوم القيامة، فإذا كان خفاياهم غير خفية علي الملائكة، فكيف على عالم السر والنجوى، ولقد أجاد من قال:
إِنِّيْ لَمُسْتَتِرٌ مِنْ عَيْنِ جِيْرَانِيْ | وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارِيْ وَإِعْلاَنِيْ |
٨١ - أمر الله سبحانه رسوله - ﷺ -، أن يقول للكفار قولًا يلزمهم به الحجة، ويقطع ما يوردونه من الشبهة، فقال: ﴿قُلْ﴾ يا محمد للكفرة ﴿إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ﴾ فرضًا، كما تقولون: الملائكة بنات الله ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ لذلك الولد، وأسبقكم إلى تعظيمه والانقياد له، وذلك لأنه - ﷺ - أعلم الناس بشؤونه تعالى، وبما يجوز عليه، وبما لا يجوز، وأولاهم بمراعاة حقوقه، ومن موجب تعظيم الوالد تعظيم ولده؛ أي: إن يثبت بحجة قطعية كون الولد للرحمن، كما تزعمون فأنا أولكم في التعظيم، وأسبقكم إلى الطاعة تعظيمًا لله تعالى، وانقيادًا لأن الداعي إلى طاعته وتعظيمه أول وأسبق في ذلك، وكون الولد له تعالى، مما هو مقطوع بعدم وقوعه، ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه، واللاوقوعه على
(١) روح البيان.