قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.
﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا﴾ أصله: يخوضون بوزن يفعلون، نقلت حركة ﴿الواو﴾ إلى الخاء فسكنت إثر ضمة، فصارت حرف مد، ثم حذفت نون الرفع لما وقع الفعل جوابًا للأمر، فوزنه يقولوا، وأصل الخوض: الشروع في الماء والمرور فيه، ويستعار للأمور. وقوله: ﴿يُلَاقُوا﴾ أصله: يلاقيون، حذفت نون الرفع للناصب، ثم حذفت حركة الياء تخفيفًا، فلما سكنت حذفت لالتقاء الساكنين وضمت القاف لمناسبة الواو. ﴿كَارِهُونَ﴾ من الكراهة مصدر كره الشيء بالكسر؛ أي: لم يرده فهو كاره. ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا﴾ من الإبرام، وهو إحكام الأمر، وأصله: من إبرام الحبل، وهو ترديد فتله. ﴿وَنَجْوَاهُمْ﴾ يقال: ناجيته؛ أي: ساررته، وأصله: أن تخلو في نجوة من الأرض؛ أي: مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله، والسر هو ما يحدث به الإنسان نفسه، أو غيره في مكان خال، والنجوى التناجي والتحادث فيما بينهم. ﴿وَقِيلِهِ﴾ قال أبو عبيدة: يقال: قلت قولًا وقالًا وقيلًا. وفي الخبر: "نهى عن قيل وقال". فالقول والقيل والقال كلها مصادر، وفيه إعلال بالقلب، أصله: قِوْلِه من القول، قلبت الواو ياءً لوقوعها ساكنةً إثر كسرة، فصارت حرف مد. ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ﴾؛ أي: اعف عنهم عفو المعرض، ولا تقف عن التبليغ. ﴿وَقُلْ سَلَامٌ﴾؛ أي: سلام متاركةٍ لكم بسلامتكم منى وسلامتي منكم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإبهام في فاعل ضرب في قوله: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا﴾ للإهانة والتحقير له.
ومنها: الاستفهام في قوله: ﴿أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾.
ومنها: الحصر في قوله: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾، وفي قوله: {إِنْ هُو


الصفحة التالية
Icon