ربهم ورب آبائهم الأولين، ولكنهم يمترون بعد أن وضح الحق وأفصح الصبح لذي عينين.
قوله تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)...﴾ الآيات، مناسبة هذه (١) الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر حال كفار قريش إذ قابلوا الرحمة بالكفران، ولم ينتفعوا بالمنزل ولا بالمنزل عليه.. أردف هذا بأن أمر نبيه - ﷺ - بالانتظار، حتى يحل بهم بأسه؛ لأنهم أهل الخذلان والعذاب، لا أهل الإكرام والغفران، وفي هذا تسلية لرسوله - ﷺ -، وتهديد للمشكرين.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله يسبحانه وتعالى، لما ذكر أن مشركي مكة أصروا على كفرهم، ولم يؤمنوا برسولهم.. أردف هذا، ببيان أن هؤلاء ليسوا ببدع في الأمم، فكثير قبلهم كذبوا رسلهم، فها هم أولاء قوم فرعون، قد كان منهم مع موسى مثل ما كان من قومك معك، بعد أن أتاهم بالبينات التي كانت تدعو إلى تصديقه، فكذبوه، فنصره الله عليهم، أغرق فرعون وقومه، وجعلهم مثلًا للآخرين.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (٢): ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود، قال: إن قريشًا لما استعصوا على النبي - ﷺ -، دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل الله: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)﴾ فأتي رسول الله - ﷺ -، فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضر، فإنها قد هلكت فاستسقى فسقوا، فنزلت: ﴿إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾، فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم، حين أصابتهم، فأنزل الله عز وجل: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)﴾ قال: يعني يوم بدر. والحديث أخرجه مسلم وأحمد.
(٢) لباب النقول.