المثلية كونه بواسطة الملك.
وإنما ذكر (١) بلفظ المضارع، مع أن مقتضى المقام، أن يذكر بلفظ الماضي، ضرورة أن الوحي إلى الذين من قبله قد مضى، دلالة على استمرار الوحي، تجدده وقتًا فوقتًا، وأن إيحاء مثله عادته تعالى، ويجوز أن يكون إيذانًا أن الماضي والمستقبل بالنسبة إليه تعالى واحد، كما في "الكواشي". وقيل (٢): إن المضارع استعمل في حقيقته، ومجازه مستعمل في المستقبل، بالنظر إلى ما لم ينزل عليه من القرآن إذ ذاك وفي الماضي بالنظر لما أنزل بالفعل، وبالنظر إلى ما أنزل على الرسل السابقين، ووجه الشبه أن الموحى به في الكل، يرجع لأمور ثلاثة: التوحيد والنبوة والبعث. فهذا القدر موجود في القرآن وغيره من الكتب، اهـ شيخنا. وفي "زاده": ووجه المشابهة الاشتراك في الدعوة إلى التوحيد، والنبوة والمعاد وتقبيح أحوال الدنيا والترغيب في أمور الآخرة اهـ.
وقال الشوكاني: والمعنى: أي (٣) مثل ذاك الإيحاء الذي أوحي إلى سائر الأنبياء من كتب الله، المنزلة عليهم، المشتملة على الدعوة إلى التوحيد، والبعث يوحي الله إليك يا محمد في هذه السورة، وقيل: إن حم عسق أوحيت إلى من قبله من الأنبياء، فتكون الإشارة بقوله: كذلك إليها اهـ.
وقرأ الجمهور (٤): ﴿يُوحِي﴾ بكسر الحاء مبنيًا للفاعل، والفاعل الله، وهي واضحة اللفظ والمعنى: وقرأ أبو حيوة والأعمش وأبان ﴿نوحي﴾ بنون العظمة مع كسر الحاء، وقرأ مجاهد، وابن كثير وابن محيصن وعباس ومحبوب كلاهما عن أبي عمرو ﴿يوحى﴾ بفتح الحاء مبنيًا للمفعول، والقائم مقام الفاعل ضمير مستتر يعود على ذلك، والتقدير: مثل ذلك الإيحاء يوحى هو إليك، أو القائم مقام الفاعل إليك، أو الجملة المذكورة؛ أي: يوحى إليك هذا اللفظ أو القرآن، أو مصدر يوحي وارتفاع اسم الجلالة، على أنه فاعل لفعل محذوف، كأنه قيل:
(٢) الفتوحات.
(٣) الشوكاني.
(٤) البحر المحيط.