وكرمه، يريدون أعجبني كرم زيد، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ فإن اسم الله هنا أيضًا، مذكور بطريق التعظيم كما سبق هناك، أو معنى: بعد الله؛ أي: بعد حديث الله الذي هو القرآن، حسبما نطق به قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ وهو المراد بآياته أيضًا، ومناط العطف التغاير العنواني ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يعني: أن القرآن من بين الكتب السماوية معجزة باهرة، فحيث لم يؤمنوا به، فبأي كتاب بعده يؤمنون؛ أي: لا يؤمنون بكتاب سواه، وقيل: المعنى القرآن آخر كتب الله، ومحمد - ﷺ - آخر رسله، فإن لم يؤمنوا به، فبأي كتاب يؤمنون، ولا كتاب بعده ولا نبي.
وقرأ (١) أبو جعفر والأعرج وشيبة وقتادة ونافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية: ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ بالياء التحتانية، وقرأ الأعمش، وباقي السبعة: ﴿تؤمنون﴾ بتاء الخطاب، وقرأ طلحة: ﴿توقنون﴾ بالتاء من فوق، وبالقاف من الإيقان والمعنى: يومنون بأي حديث، وإنما قدم الجار عليه؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام.
والمعنى (٢): أي هذه آيات القرآن بما فيها من حجج، وبينات نتلوها عليك، متضمنة للحق، فبأي حديث أيها القوم، بعد حديث الله الذي يتلوه على رسوله، وبعده حججه وبرهاناته، التي دلكم بها على وحدانيته، تصدقون إن كذبتم به.
والخلاصة: إذا كنتم لا تؤمنون بهذه الآيات، ولا تنقادون لها فبم تؤمنون وإلام تنقادون.
٧ - وبعد أن بين للكفار آياته، وذكر أنهم إن لم يؤمنوا بها فبأي حديث بعدها يؤمنون، أتبعه بالوعيد العظيم لهم، فقال: ﴿وَيْلٌ﴾؛ أي: عذاب شديد كائن ﴿لِكُلِّ أَفَّاكٍ﴾؛ أي: لكل كذّاب ﴿أَثِيمٍ﴾؛ أي: كثير الإثم مرتكب لما يوجبه؛ أي: فالويل أشد الويل، والعذاب أقسى العذاب لكل كذاب، في قوله أثيم في فعله،
(٢) المراغي.