الصمد، وقد يكون المعنى: ليس مثله شيء في شؤونه التي يدبرها، بمقتضى قدرته، الشاملة، وعلمه الواسع، وحكمته الكاملة، ومن ثم، جعل هذا التدبير المحكم لإحاطة علمه بكل شيء.
٢ - ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ أي: وهو السميع لما ينطق به خلقه من قول البصير بأعمالهم لا يخفي عليه شيء مما كسبت أيديهم من خير وشر.
٣ - ١٢ ﴿لَهُ﴾ سبحانه وتعالى لا لغيره ﴿مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ أي: جميع خزائن السموات والأرض، من الأرزاق والرحمة.
قال الجواليقي في كتابه "المعرب": المقليد: المفتاح، فارسي، معرب لغة في الأقليد، والجمع مقاليد، فالمقاليد: المفاتيح، وهي كناية عن الخزائن، وقدرته عليها، وحفظه لها، قال النحاس: والذي يملك المفاتيح، يملك الخزائن، انتهى. وفيه مزيد دلالة على الاختصاص؛ لأن الخزائن لا يدخلها، ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها؛ أي: له تعالى مفاتيح خزائن السموات والأرض، فبيده مقاليد الخير والشر، فما يفتح من رحمة، فلا ممسك لها، وما يمسك منها، فلا مرسل له من بعده، وقد بين هذا بقوله: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾؛ أي: يوسع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه ﴿وَيَقْدِرُ﴾؛ أي: يضيق ويقتر على من يريد، بحسب السنن والنواميس، التي وضعها بين عباده في هذه الحياة.
ثم ذكر سبب هذا البسط والتقتير فقال: ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾؛ أي: إنه تعالى عليم بكل ما يفعله من توسعة على من يوسع عليه، وتقتير على من يقتر عليه، ومن الذي يصلحه البسط في الرزق، ومن الذي يفسده، ومن الذي يصلحه التقتير، ومن الذي يفسده لا يخفى عليه شيء من ذلك، فيفعل كل ذلك على مقتضى حكمته الكاملة، وقدرته الواسعة وعلمه المحيط، فلا يوسع الرزق، إلا إذا علم سعته خير للعبد، وكذا التضييق.
ثم إن الرزق قسمان: رزق صوري: وهي المأكولات والمشروبات الحسية، ورزق معنوي: وهي العلوم الحقيقية والمعارف الإلهية، فالأول داخل في الآية


الصفحة التالية
Icon