يستنكرون نبوته، ويطلبون منه ما لا قبل له به من المعجزات التي أمرها بيد الله تعالى لا بيده.. أردف (١) هذا بأمر رسوله أن يقول لهم: ما ظنكم أنّ الله صانع بكم إن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزله الله عليّ لأبلغكموه فكفرتم به وكذبتموه، وقد شهد شاهد من بني إسرائيل الواققين على أسرار الوحي بما أوتوا من التوراة على مثل ما قلتم، فآمن واستكبرتم.
ثم حكى عنهم شبهة أخرى بشأن إيمان من آمن منهم من الفقراء كعمار وصهيب وابن مسعود، فقالوا: لو كان هذا الدين خيرًا.. ما سبقنا إليه هؤلاء. ثم إنهم حين لم يهتدوا به قالوا: إنه من أساطير الأولين.
ثم ذكر أنّ مما يدلّ على صدق القرآن: أن التوراة وهي الإمام المقتدى به بشّرت بمقدم محمد - ﷺ -، فاقبلوا حكمها في أنّه رسول حقًا من عند الله.
ثمّ أعقب هذا ببيان أنّ من آمنوا بالله، وعملوا صالحًا لا يخافون مكروهًا ولا يحزنون لفوات محبوب، وأولئك هم أهل الجنة، جزاء ما عملوا من عمل صالح، وما أخبتوا لربهم، وانقادو لأمره ونهيه.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (٢): ما أخرجه أحمد في "المسند" والطبراني بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي قال: انطلق النبي - ﷺ - يومًا وأنا معه، حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيد لهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله - ﷺ -: "يا معشر اليهود، أروني اثني عشر رجلًا منكم يشهدون أنه لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله - ﷺ -، يحطُّ الله عن كل يهوديّ تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه" قال: فسكتوا فما أجابه منهم أحد، ثم ردّ عليهم، فلم يجبه أحد، ثم
(٢) أسباب النزول.