به وبكتابه، ومن الأعمال الصالحة.
ومعنى الآية (١): ذلك الأمر وهو إضلال أعمال الكفار، وتكفير سيئات المؤمنين، كائن بسبب اتباع الكفار الباطل، واتباع المؤمنين الحق من ربهم؛ أي: وإنما أبطلنا أعمال الكفار، وتجاوزنا عن سيئات الأبرار، وأصلحنا شؤونهم؛ لأنّ الذين كفروا اختاروا الباطل على الحق، بما وسوس به إليهم الشيطان، ولأنّ الذين آمنوا اتبعوا الحق الذي جاءهم من ربهم، فأنار بصائرهم، وهداهم إلى سبيل الرشاد ﴿كَذَلِكَ﴾؛ أي: مثل الضرب والبيان المذكور ﴿يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ﴾؛ أي: يبيِّن الله للناس أمثالهم؛ أي: أحوال الفريقين، وأوصافهما الجارية مجرى الأمثال في الغرابة، وهي: اتباع الأولين الباطل وخيبتهم، وخسرانهم، واتباع الآخرين الحق، وفوزهم وفلاحهم. وفي الخبر: "اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه". قال الزجاج: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ﴾؛ أي: يبيّن الله للناس أمثال حسنات المؤمنين، وإضلال أعمال الكافرين؛ يعني: أنّ من كان كافرًا أضل الله عمله، ومن كان مؤمنًا كفّر الله سيئاته.
والمعنى: أي كما بيَّنت لكم فعلي بفريقي الكفار والمؤمنين، كذلك نمثل للناس الأمثال، ونشبه لهم الأشباه، فنلحق بالأشياء أمثالها وأشكالها.
والخلاصة: أنه جعل اتباع الباطل مثلًا لعمل الكفار، وإضلال أعمالهم مثلًا لخيبتهم، واتباع الحق مثلًا لعمل المؤمنين، وتكفير سيئاتهم مثلا لفوزهم، وهكذا شأن القرآن، يوضِّح الأمور التي فيها عظة وذكرى بضرب الأمثال، كما ضرب المثل بالنخل والحنظل في سورة أخرى.
٤ - ولمّا بيّن سبحانه حال الفريقين.. أمر بجهاد الكفار، فقال: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ والمراد بالذين كفروا: المشركون، ومن لم يكن صاحب عهد من أهل الكتب، و ﴿الفاء﴾ فيه: للإفصاح؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا كان الأمر كما ذكر، من إضلال أعمال الكفرة وخيبتهم، وإصلاح

(١) الخازن.


الصفحة التالية
Icon