الآيات والمعجزات، وتبيين السبل إلى النعيم وإلى الجحيم، والأمر بالجهاد الأصغر والأكبر، والتوفيق للسعي فيهما طلبا لرضاه، لا تبعًا لهواه.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَيُثَبِّتْ﴾ مشدّدًا، وقرأ المفضل عن عاصم: مخفّفًا، من أثبت الرباعي من باب أفعل.
٨ - وبعد أن ذكر سبحانه جزاء المجاهدين. أعقبه بجزاء الكافرين، فقال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسوله، مبتدأ خبره محذوف دلّ عليه قوله: ﴿فَتَعْسًا لَهُمْ﴾ ودخلت الفاء تشبيهًا للمبتدأ بالشرط، وانتصاب ﴿تعسًا﴾ على المصدر بالفعل المقدر خبرًا، و ﴿اللام﴾ فيه: للبيان، كسقيًا لهم، ورعيًا، ولذلك عطف عليه الفعل في قوله: ﴿وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ والفعل منه، كمنع وسمع، كما سيأتي، يقال: تعسه الله وأتعسه، والتقدير: والذين كفروا بالله ورسوله، وجحدوا توحيده فَتَعِسَهُم الله تعسًا؛ أي: أذلَّهم الله إذلالًا، وأخزاهم خزيًا، وأهلكهم إهلاكًا، وأبطل أعمالهم، وجعلها على غير هدًى واستقامةٍ؛ لأنها عُمِلت للشيطان، لا طاعة للرحمن.
٩ - ثم بيَّن سبب ذلك الإضلال، فقال: ﴿ذَلِكَ﴾ المذكور من التعس وإضلال الأعمال ﴿بِأَنَّهُمْ﴾؛ أي: بسبب أنهم ﴿كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ تعالى من القرآن لما فيه من التوحيد، وسائر الأحكام المخالفة لما ألفوه، واشتهته أنفسهم الأمّارة بالسوء ﴿فَأَحْبَطَ﴾ الله سبحانه ﴿أَعْمَالَهُمْ﴾ لأجل ذلك؛ أي: أبطلها وجعلها من الأعمال التي لا تزكو ولا يعتد بها، كرّره إشعارًا بأنه يلزم الكفر بالقرآن، ولا ينفك عنه بحال، والمراد بالأعمال: طواف البيت، وعمارة المسجد الحرام، وإكرام الضيف، وإغاثة الملهوفين، وإعانة المظلومين، ومواساة اليتامى والمساكين، ونحو ذلك مما هو على صورة البرّ، وذلك بالنسبة إلى كفار قريش، وقس عليهم أعمال سائر الكفرة إلى يوم الدين.
والمعنى (٢): أي ذلك الذي فعلنا بهم من التعس، وإضلال الأعمال، من
(٢) المراغي.