كان عالمًا بالله، وأنه لا إله إلا هو، فما فائدة هذا الأمر، كقولك للجالس: اجلس؛ أي: دم على ما أنت عليه من الجلوس، أو المعنى (١) ازدد علمًا إلى علمك، وقيل: إنّ هذا الخطاب وإن كان له - ﷺ -، فالمراد به غيره، قال أبو العالية، وسفيان بن عيينة: هذا متصل بما قبله، معناه: إذا جاءتهم فاعلم أنه لا ملجأ ولا منجا، ولا مفزع عند قيامها إلا إلى الله الذي لا إله إلا هو، وقيل: معناه: فاعلم أنه لا إله إلا الله، وأنَّ جميع الممالك تبطل عند قيامها، فلا ملك ولا حكم لأحد إلا الله الذي لا إله إلا هو، وقيل: المعنى: فاذكر أنه لا إله إلا الله، فعبَّر عن الذكر بالعلم.
وقدَّم العلم على العمل؛ تنبيهًا على فضله، واستبداده بالمزية عليه، لا سيما العلم بوحدانية الله تعالى، فإنه أول ما يجب على كل أحد، والعلم أرفع من المعرفة، ولذا قال: فاعلم دون فاعرف؛ لأن الإنسان قد يعرف الشيء ولا يحيط به علمًا، فإذا علمه وأحاط به علمًا.. فقد عرفه، والعلم بالألوهية من قبيل العلم بالصفات؛ لأن الألوهية صفة من الصفات، فلا يلزم أن يحيط بكنهه تعالى أحد، فإنه محالٌ إذ لا يعرف الله إلا الله، كما في الحديث.
﴿وَاسْتَغْفِرْ﴾ يا محمد؛ أي: أطلب الغفران من الله سبحانه ﴿لِذَنْبِكَ﴾ هو كل مقام عالٍ ارتفع - ﷺ - عنه إلى أعلى، أو ما صدر منه - ﷺ - من ترك الأولى، وعبَّر عنه بالذنب نظرًا إلى منصبه الجليل، وإرشادًا له - ﷺ - إلى التواضع، وهضم النفس، واستقصاء العمل، أو أطلب من الله أن لا يقع منك ذنب، أو استغفر الله ليعصمك. وقيل: معنى ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾: استغفر لذنوب أهل بيتك ﴿و﴾ استغفر ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾؛ أي: لذنوب أمّتك بالدعاء لهم، وترغيبهم فيما يستدعي غفرانهم؛ لأنهم أحق الناس بذلك منك؛ لأنَّ ما عملوا من خيرٍ كان لك مثل أجره، إذ لمكمل الغير مثل أجر ذلك الغير.
وفي إعادة (٢) حلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنسًا، وفي حذف
(٢) روح البيان.