أمارات الكفر والنفاق: كراهة الجهاد كراهية الميت.
ومعنى الآية (١): أي أنّ المؤمنين المخلصين في إيمانهم يشتاقون للوحي ونزول آيات الجهاد حرصًا على ثوابه، ويقولون: هلّا أنزلت سورة تأمرنا به، فإذا أنزلت سورة واضحة الدلالة في الأمر به.. فرحوا بها، وشقّ ذلك على المنافقين، وشخصت أبصارهم هلعًا وجبنًا من لقاء العدوّ، ونظروا مغتاظين بتحديد وتحديق، كمن يشخص بصره حين الموت.
ونحو الآية قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧٧)﴾.
ثم هددهم وتوعّدهم، فقال: ﴿فأولى لهم﴾؛ أي: فالموت أولى لمثل هؤلاء المنافقين، إذ حياتهم ليست في طاعة الله، فالموت خير منها، وقد يكون المعنى على التهديد والوعيد، والدعاء عليهم بالهلاك، فكأنه قيل: أهلكهم الله هلاكًا أقرب لهم من كل شر وهلاك، فهو نحو قوله في الدعاء: بعدًا له وسحقًا، قال الأصمعي: معنى قوله في التهديد أولى لك؛ أي: وليك الهلاك وقاربك ما تكره، وأنشد قول الشاعر:
فَعَادَى بَيْنَ هَادِيَتَيْنِ مِنْهَا | وَأَوْلَى أَنْ يَزِيْدَ عَلَى الثَّلَاثِ |
٢١ - وقوله: ﴿طَاعَةٌ وَقول معْرُوف﴾: كلام مستقل (٢) مستأنف، محذوف منه أحد الجزئين: إما المبتدأ؛ أي: أمرهم أو أمرنا أو الأمر المرضي لله طاعة لله ولرسوله، وقول معروف بالإجابة إلى ما أمروا به من الجهاد أو الخير؛ أي: طاعة مخلصة، وقول معروف خير لهم، وقيل: هو حكاية لقولهم؛ أي: قالوا: طاعة... إلخ. ويشد له قراءة أبيّ: ﴿يقولون طاعة وقول معروف﴾؛ أي: أمرنا ذلك كما قال في النساء: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ
(٢) روح البيان.