الهمزة وسكون الثاء، فالمفتوحة للمرة من مصدر أثر الحديث: إذا رواه، والمكسورة بمعنى الأثر، والمضمومة اسم ما يؤثر. انتهى.
والمعنى (١): أي أحضروا لي دليلًا مكتوبًا قبل القرآن مما نزل على الأنبياء، كالتوراة والإنجيل، يدلُّ على صحة عبادتكم لآلهتكم، أو ببقية بقيت عندكم من علم الأولين المفكرين في خلق السموات والأرض ترشد إلى استحقاق الأصنام والأوثان للعبادة، وتدل على صحة هذا المنهج الذي سلكتموه ونهجتموه، إن كنتم صادقين في ادّعائكم ألوهية الأصنام.
والمعنى: لا دليل لكم نقليًا ولا عقليًا على ذلك.
والخلاصة: أنّ الدليل إما وحى من الله، أو بقية من كلام الأوائل، وإما إرشاد من العقل، فإن كان الأول.. فأين الكتاب الذي يدل على أنهم شركاء؟ وإن كان الثاني.. فأين هو؟.
٥ - وبعد أن أبطل شركة الأصنام في الخلق بعدم قدرتها على ذلك.. أتبعه إبطاله بعدم علمها بالعبادة، فقال: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ﴾ ﴿مِنْ﴾: للاستفهام الإنكاري، خبره. قوله: ﴿أَضَل﴾؛ أي: وأيُّ امرىءٍ أبعد من الحق وأقرب إلى الجهل ﴿مِمَّنْ يَدْعُو﴾ ويعبد ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ سبحانه؛ أي: حال كونه متجاوزًا دعاء الله وعبادته ﴿مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ﴾؛ أي: أصنامًا وجمادًا لا تستجيب لداعيها. والموصول مع صلته مفعول ﴿يَدْعُو﴾؛ أي: لا أضل منه ولا أجهل، فإنه دعا من لا يسمع، فكيف يطمع في الإجابة فضلًا عن جلب نفع أو دفع ضر؟ فتبيَّن به أنه أجهل الجاهلين، وأضل الضالّين، وما هنا للشوكاني من أنّ الاستفهام للتقريع والتوبيخ غير صواب؛ لأنّ قوله هذا يناقض تفسيره أولًا؛ أي: هم أضل من كل ضالّ، حيث تركوا عبادة خالقهم السميع القادر المجيب الخبير، إلى عبادة مصنوعهم العاري عن السمع والقدرة والاستجابة. وقوله: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾: غاية لنفي الاستجابة؛ أي: ما دامت الدنيا.

(١) التفسير المنير.


الصفحة التالية
Icon