وهذا كلام (١) غير جيّد، فإنّ اللام داخلة على المغفرة، فهي علّة للفتح، فكيف يصحّ أن تكون معلّلة؟. وقال الرازي في توجيه التعليل: إنّ المراد بقوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ الله﴾: التعريف بالمغفرة، تقديره: إنا فتحنا لك؛ لتعرف أنك مغفور لك معصوم، وقال ابن عطية: المراد: أنّ الله فتح لك لكي يجعل الفتح علامة لغفرانه لك، فكأنها لام الصيرورة.
﴿وَ﴾ لـ ﴿يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ بإظهار دينك على الدين كله، وانتشاره في البلاد، ورفع ذكرك في الدنيا والآخرة ﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾؛ أي: ويرشدك طريقًا من الدين لا اعوجاج فيه، يستقيم بك إلى رضا ربّك.
والمعنى: ليثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه.
٣ - ﴿وَيَنْصُرَكَ الله﴾ سبحانه على من ناوأك من أعدائك ﴿نَصْرًا عَزِيزًا﴾؛ أي: نصرًا غالبًا منيعًا لا يتبعه ذل، ولا يدفعه دافع لما يؤيِّدك به من بأس، وينيلك من ظفر.
هذا، ولمّا (٢) كان لكل عامل ثمرة يجنيها من عمله، وغاية يبتغيها منه كان للنبوة نهاية مطلوبة في هذه الحياة، وثمرة تتبع هذه النهاية، فنهاية أمر النبوة أن تلتئم الأمور، ويجتمع شملها، وتكمل نظمها التي تبني عليها الحياة الهنيِّة، حتى يعيش العالم في طمأنينة وهدوءٍ، ولن يتم ذلك إلا بعد بث الدعوة والجهاد العلمي والعملي بقتال الأعداء، وخضد شوكتهم، ومتى تم هذا، وأنقذ المستضعفون، ودخل الناس في دين الله أفواجًا كرهًا ثم طوعًا انتظم أمر النبوة، وأدى الرسول واجبه، واستوجب أن يجني ثمرة أعماله، وهي:
١ - مغفرة ما فرط من ذنبه، مما يعد ذنبًا بالنظر إلى مقامه الشريف.
٢ - تمام النعمة باجتماع الملك والنبوة، بعد أن كانت له النبوة وحدها.
٣ - الهداية إلى الصراط المستقيم في تبليغ الرسالة، وإقامة مراسيم الرياسة.

(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon