والضعف والضعف، خلا أنّ المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمّه من كلّ شيء، وأما المضموم فجارٍ مجرى الشر المناقض للخير، ومن ثمة أضيف إلى المفتوح؛ لكونه مذمومًا، وكانت الدائرة محمودة، فكان حقها أن لا تضاف إليه إلا على التأويل المذكور، وأما ﴿دائرةُ السُّوء﴾، بالضم؛ فلأنَّ الذي أصابهم مكروه وشدة، يصح أن يقع عليه اسم السوء، كقوله تعالى: ﴿إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾. كما في بعض التفاسير، والدائرة: عبارة عن الخطّ المحيط بالمركز، ثم استعملت في الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هي عليه.
فمعنى الآية: يحيط بهم السوء إحاطة الدائرة بالشيء، أو بمن فيها، بحيث لا سبيل إلى الانفكاك عنها بوجهٍ، إلا أنّ أكثر استعمالها؛ أي: الدائرة في المكروه، كما أنَّ أكثر استعمال الدولة في المحبوب الذي يتداول، ويكون مرةً لهذا، ومرةً لذاك، والإضافة في ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ من إضافة العام إلى الخاص للبيان، كما في خاتم فضة؛ أي: دائر من شرّ، لا من خير.
والخلاصة: (١) أنّ الفريقين ظنّوا أنّ الله لا ينصر رسوله ولا المؤمنين على الكافرين، وقد دعا سبحانه عليهم بأن ينزل بهم ما كانوا يظنّونه بالمؤمينن من الدوائر، وأحداث الزمان، فقال: ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾؛ أي: عليهم تدور الدوائر السيئة، والمصائب الداهية، وسيحيق بهم ما كانوا يتربَّصونه بالمؤمنين من قتل وسبيٍ، وأسرٍ لا يتخطاهم.
ثم بين ما يستحقونه من الغضب واللعنة، فقال: ﴿وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: ولمَّا بين سبحانه أن دائرة السوء عليهم في الدنيا.. بيَّن ما يستحقونه مع ذلك من الغضب واللعنة وعذاب جهنم، وقال بعضهم (٢): غضبه تعالى: إرادة العقوبة لهم في الآخرة، وكونهم على الشرك والنفاق في الدنيا، وحقيقته: أن للغضب صورة ونتيجة، أما صورته فتغير في الغضبان يتأذى به ويتألم، وأما نتيجته فإهلاك
(٢) روح البيان.