الله، وعد حتى لا يراك حيث نهاك.
ولمّا قدم رسول الله - ﷺ - خيبر.. كان الثمر أخضر، فأكثر الصحابة من أكله، فأصابتهم الحمى، فشكوا ذلك إلى رسول الله - ﷺ - وسلم، فقال: "برِّدوا لها الماء في الشنان؛ أي: في القرب، ثم صبوا منه عليكم بين أذاني الفجر، واذكروا اسم الله عليه" ففعلوا فذهبت عنهم، وفي هذه الغزوة أراد - ﷺ - أن يتبَّرز، فأمر إلى شجرتين متباعدتين، حتى اجتمعتا فاستتر بهما، ثمّ قام فانطلقت كل واحدة إلى مكانها.
وفي خيبر كان أكله من الشاة المسمومة، وذلك أنَّ زينب ابنة الحارث أخي مرحب سمتها، وأكثرت في الذراعين والكتف، لمّا عرفت أنه - ﷺ - كان يحب الذراع والكتف لكونهما أبعد من الأذى، وأهدتها له معه، وهو بشر بن البراء، واحتجم رسول الله - ﷺ - بين الكتفين في ثلاثة مواضع، ثم أرسل رسول الله - ﷺ - إلى تلك اليهوديّة، فقال: "أسَمَمت هذه الشاة؟ " فقالت من أخبرك؛ قال: "أخبرتني هذه التي في يدي"؛ أي: الذراع، قالت: نعم. قال: "ما حملك على ما صنعت؟ " قالت: قتلت أبي وعمي وزوجي، ونلت من قومي ما نلت، فقلت: إن كان ملكًا.. استرحنا منه، وإن كان نبيًا فسيخبر، فعفا عنها، فلمّا مات بشر.. أمر بها، فقتلت وصلبت.
٢١ - وقوله: ﴿أُخْرَى﴾: معطوف (١) على هذه، أي: فعجَّل لكم هذه الغنائم ومغانم أخرى: ﴿لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا﴾ وهي الفتوح التي فتحها الله على المسلمين من بعد: كفارس والروم ونحوهما، كذا قال الحسن ومقاتلٌ، وابن أبي ليلى، وقال الضحاك وابن زيد وابن أبي إسحاق: هي خيبر، وعدها الله نبيه قبل أن يفتحها، ولم يكونوا يرجونها، وقال قتادة: فتح مكة، وقال عكرمة: حنين، والأول: أولى.
﴿قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا﴾: صفة ثانية لـ ﴿أُخْرَى﴾ قال الفرّأء: أحاط الله بها

(١) روح البيان.


الصفحة التالية