والخلاصة (١): أنّه طلب إليهم أن ينقادوا لأوامر الله ونواهيه، ولا يعجلوا يقول أو فعل قبل أن يقول الرسول أو يفعل، ولا يذبحوا يوم عيد الأضحى قبل أن يذبح، ولا يصوم أحد يوم الشك وقد نهي عنه.
٢ - والحاصل: أنّ الله سبحانه قد أدّب المؤمنين إذا قابلوا الرسول بأدبين:
أحدهما: فعل.
وثانيهما: قول.
وأشار إلى أوّلهما بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وأشار إلى ثانيهما بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ وإذا نطقتم، وتحدّثتم مع النبي - ﷺ - ﴿فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ - ﷺ - إذا نطق، وتكلّم معكم؛ أي: إذا نطق ونطقتم في المحادثة معه.. فعليكم أن لا تبلغوا بأصواتكم حدًّا يبلغه صوته، بل يكون كلامكم دون كلامه؛ ليتميز منطقه عن منطقكم بكونه عاليًا رفيعًا على منطقكم.
والمعنى (٢): لا تبلغوا بأصواتكم وراء حدّ يبلغه - ﷺ - هو بصوته، والصوت: هو الهواء المنضغط عن قرع جسمين، كما سيأتي البسط فيه إن شاء الله تعالى، وقال في "المفردات": تخصيص الصوت بالنهي؛ لكونه أعم من النطق والكلام، ويحتمل أنّه خصّه لأنّ المكروه رفع الصوت لا رفع الكلام.
وكرر النداء (٣)؛ ليعلم أنّ كلّ واحد من الكلامين مقصود ليس الثاني منهما تأكيدًا للأول، كقولك: يا زيد، لا تنطق ولا تتكلّم إلا بالحق، فإنه لا يحسن أن تقول: يا زيد لا تنطق، يا زيد لا تتكلّم، كما يحسن عند اختلاف المطلوبين. كلاهما "الخطيب".
﴿وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ﴾ - ﷺ -؛ أي: لا تنادوه ﴿بِالْقَوْلِ﴾ والكلام إذا كلّمتوه وهو
(٢) روح البيان.
(٣) الخطيب.