لصاح، إلا أن يؤخذ عقله بمشاهدة تمنع إحساسه. اهـ.
وقد كره (١) بعض العلماء رفع الصوت عند قبره - ﷺ -، وكذا القرب منه عليه السلام في المواجهة عند السلام، بحيث كان بينه وبينه - ﷺ - أقلَّ من أربعة أذرع، وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء؛ تشريفًا لهم، إذ هم ورثة الأنبياء، قال سليمان بن حرب: ضحك إنسان عند حمّاد بن زيد، وهو يحدث بحديث عن رسول الله - ﷺ -، فغضب حمّاد، وقال: إنّي أرى رفع الصوت عند حديث رسول الله - ﷺ - وهو ميت، كرفع الصوت عنده وهو حيّ، وقام وامتنع من الحديث ذلك اليوم.
٣ - ثم رغب سبحانه في امتثال ما أمر به، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ﴾؛ أي: يخفضون ﴿أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ - ﷺ -؛ مراعاةً للأدب، وخشية من مخالفة النهي ﴿أُولَئِكَ﴾: مبتدأ، خبره: قوله: ﴿الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿قُلُوبَهُمْ﴾؛ أي: شرح قلوبهم، ووسعها ﴿لِلتَّقْوَى﴾ وصفّاها، وأخلصها للتقوى، والجملة الابتدائية. خبر ﴿إِنَّ﴾. وعن عمر رضي الله عنه: أذهب عنها الشهوات؛ أي: نزع عنها محبّة الشهوات، وصفَّاها عن دنس سوء الأخلاق، وحلَّاها بمكارمها، حتى انسلخوا عن عادات البشرية. ﴿لَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿مَغْفِرَةٌ﴾ عظيمة لذنوبهم ﴿وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ التنكير للتعظيم؛ أي: ثابت لهم غفران، وأجر عظيم لا يقادر قدره لغضّهم، وسائر طاعاتهم، فهو استئناف لبيان جزاء الغاضين مدحًا لحالهم، وتعريضًا بسوء حال من ليس مثلهم، أو خبر ثان لـ ﴿إِنَّ﴾.
وروى أحمد في "الزهد" عن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين، رجل لا يشتهي المعصية، ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية، ولا يعمل بها؟. فكتب عمر رضي الله عنه: إن الذين يشتهون المعصية، ولا يعملون بها، أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم.