فنهى الله تعالى أن يعبّر بما سلف من عمله، أما (١) الألقاب التي تكسب حمدًا ومدحًا، وتكون حقًا وصدقًا.. فلا تكره، كما قيل لأبي بكر: عتيق، ولعمر: الفاروق، ولعثمان: ذو النورين، ولعليّ: أبو تراب، ولخالد: سيف الله، من (٢) النبز بسكون الباء، مصدر نبزه بمعنى لقبه، والنبز بفتحها: اللقب مطلقًا؛ أي: حسنًا كان أو قبيحًا، ومنه قيل في الحديث: "قومٌ نبْزهم الرافضة"؛ أي: لقبهم، ثم خص في العرف باللقب القبيح، وهو ما يكره المدعو أن يدعى به، واللقب: ما سمي به الإنسان بعد اسمه العلم، من لفظ يدل على المدح، كزين العابدين، أو الذم كأنف الناقة، لمعنى فيه.
والمعنى (٣): ولا يدع بعضكم بعضًا بلقب السوء، قالوا: وليس من هذا قول المحدثين لسليمان الأعمش، وواصل الأحدب، ولعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونحوه مما تدعو إليه الضرورة، وليس قصد استخفاف، ولا أذى، وفيه إشارة إلى أنّ اللقب الحسن لا ينهى عنه، مثل: محيي الدين وشمس الدين، وبهاء الدين، وفي الحديث: "من حق المؤمن على أخيه: أن يسميه بأحب أسمائه إليه".
﴿بِئْسَ﴾ وقبح ﴿الِاسْمُ﴾ أي (٤): التسمية لأخيك ﴿الْفُسُوقُ﴾؛ أي: الدال على فسق الأخ وكفره، ونفاقه ﴿بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾؛ أي: بعدما آمن ذلك الأخ، وترك ذلك؛ أي: بئست التسمية الدالة على فسق المسمى بها، وكفره بعد إيمانه، كقولك للمؤمن: يا يهودي ويا نصرانيّ، ويا مجوسي بعدما أسلم، أو يا فاسق؛ ويا سارق، ويا شارب، ويا زاني بعدما تاب، نظرًا لما قبل إسلامه وتوبته.
وقيل معناه (٥): أنَّ من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز.. فهو

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٤) تنوير المقباس.
(٥) الخازن.


الصفحة التالية
Icon