ومنها: الاستعارة التمثيلية الرائعة، في قوله: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ فقد شبَّه من يغتاب غيره بمن يأكل لحم أخيه ميتًا.
وفيها مبالغات شتّى:
أوّلها: الاستفهام الذي معناه التقرير، كأنه أمر مفروغ منه، مبتوت فيه.
وثانيها: جعل ما هو الغاية من الكراهة موصولًا بالمحبة.
وثالثها: إسناد الفعل إلى كل أحد للإشعار بأنّ أحدًا من الأحدين لا يحبّ ذلك.
ورابعها: أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان، حتى جعله أكره اللحوم، وأبعثها على التقزز.
وخامسها: أنه لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعله ميتًا، ومن ثم فَصُحَتْ هذه الآية، وأكبرها أصحاب البيان.
ومنها: طباق السلب في قوله: ﴿آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا﴾.
ومنها: الاحتباك في قوله: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾؛ لأنّه حذف من الأول ما يقابل الثاني، ومن الثاني ما يقابل الأول، والأصل: فإن لم تؤمنوا.. فلا تقولوا: آمنّا، ولكن أسلمتم، فقولوا أسلمنا، كما مر.
ومنها: الإتيان بـ: ﴿ثُمَّ﴾ في قوله: ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ للإشعار بأنّ اشتراط عدم الارتياب في اعتبار الإيمان، ليس في حال إنشائه فقط، بل وفيما يستقبل، فهي كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾.
ومنها: قصر إفراد وتكذيب، في قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾؛ لأن فيه تكذيبًا لأعراب بني أسد، حيث اعتقدوا الشركة، وزعموا أنهم صادقون أيضًا في دعوى الإيمان.
ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: ﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ﴾.
ومنها: تذييل مقرر لما قبله بقوله. ﴿وَاللَّهُ﴾ في: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾؛