له الملائكة.
﴿ذَلِكَ﴾ الموت أيها الإنسان ﴿مَا﴾: موصولة؛ أي: الأمر الذي ﴿كُنْتَ﴾ في الدنيا ﴿مِنْهُ﴾: متعلق بقوله: ﴿تَحِيدُ﴾؛ أي: تميل وتفرّ وتهرب منه، بل تحسب أنه؛ أي: الموت، لا ينزل عليك بسبب محبّتك الحياة الدنيا، كما في قوله: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾؛ أي: أقسمتم بألسنتكم بطرًا وأشرًا، وجهلًا وسفهًا، أو بألسنة الحال، حيث بنيتم مشيدًا، وأملتم بعيدًا، ولم تحدثوا أنفسكم بالانتقال منها إلى هذه الحالة، فكأنكم ظننتم أنكم ما لكم من زوال مما أنتم عليه من التمتّع بالحظوظ الدنيوية، فالخطاب (١) في الآية للإنسان المتقدم على طريق الالتفات، فإنّ النفرة عن الموت شاملة لكل فرد من أفراده طبعًا، ويضعده ما روي عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: أخذت أبا بكر غشية من الموت، فبكيت عليه، فقلت:
مَنْ لَا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعَا | لَا بُدَّ يَوْمًا أَنَّهُ مُهْرَاقُ |
٢٠ - ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ هي النفخة الثانية، وهي نفخة البعث والنشور، والنافخ هو إسرافيل عليه السلام، وقد سبق الكلام في الصور. ﴿ذَلِكَ﴾؛ أي: وقت ذلك النفخ على حذف المضاف ﴿يَوْمُ الْوَعِيدِ﴾؛ أي: يوم إنجاز الوعيد الواقع في الدنيا وتحقيقه، والوعيد: التهديد، أو يوم وقوع الوعيد على أنه عبارة عن العذاب الموعود، وتخصيص الوعيد بالذكر، مع أنه يوم الوعد أيضًا؛ لتهويله، ولذا بدىء ببيان حال الكفرة.
٢١ - ﴿وَجَاءَتْ﴾ في ذلك اليوم ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ من النفوس البرة والفاجرة ﴿مَعَهَا﴾ إلخ. محله النصب على الحالية من ﴿كُلُّ﴾ لإضافته إلى ما هو في حكم المعرفة، كأنه قيل: كل النفوس؛ أي: حالة كون كل نفس معها