لطاعته، وقيل: المنيب: المقبل على الطاعة، وقيل: السليم من أمراض القلب، وصف (١) القلب بالإنابة مع أنها وصف المكلف لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى؛ أي: لا عبرة للإنابة والرجوع إلا إذا كان من القلب.
والمراد: الرجوع إلى الله تعالى بما يحبّ ويرضى، وفي "التأويلات النجمية": بقلب منيب إلى ربّه، معرض عمَّا سواه، مقبل عليه بكليته.
وقوله: ﴿مَنْ﴾ بتقدير القول؛ أي: يقال لهم: ادخلوها، والجمع باعتبار معنى ﴿مَن﴾ وقوله: ﴿بِسَلَامٍ﴾: متعلق بمحذوف هو حال من فاعل
٣٤ - ﴿ادخلوها﴾؛ أي: يقال لهم من جهة الله سبحانه: ادخلوا الجنة حالة كونكم متلبسين بسلامة من العذاب، وزوال النعم، وحلول النقم أو بتسليم من جهة الله وملائكته عليكم؛ أي: مسلمًا عليكم، أو سلم بعضكم على بعض.
والمعنى: أي (٢) هذا الثواب للمتقين الذين يرجعون من معصية الله إلى طاعته تائبين من ذنوبهم، ويلقون الله بقلوب منيبة إليه خاضعة له، وتقول لهم الملائكة تكرمةً لهم: ادخلو الجنة سالمين من العذاب والهموم والأكدار، فلا خوف عليكم، ولا أنتم تحزنون.
ثم يبشرون، ويقال لهم: ﴿ذَلَكَ﴾ اليوم الذي حصل فيه الدخول ﴿يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ والدوام في الجنة إذ لا انتهاء له أبدًا، فاطمئنوا، وقروا عينًا فهذا يوم الخلود الذي لا موت بعده، ولا ظعن ولا رحيل، والإشارة بقوله: ﴿ذَلِكَ﴾ إلى الزمان الممتد الذي وقع في بعض منه الدخول المتحقق فيه، تقديره: الخلود إذ لا انتهاء له، فإن قيل (٣): المؤمن قد علم في الدنيا أنه إذا دخل الجنة.. خلد فيها، فما فائدة هذا القول؟
فالجواب من وجهين:
(٢) المراغي.
(٣) الفتوحات.