١٣ - ثم أجاب سبحانه عن هذا السؤال، وذكر أنه يكون يوم القيامة، فقال: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣)﴾. أي: يعرضون عليها؛ أي: يوم الجزاء هو يوم يعرض فيه الكفّار على النار، ويعذّبون بها، ويحرقون فيها كما يفتن الذهب بالنار، يقال (١): فتنت الذهب: أحرقت خبثه لتظهر خلاصته، والكافر كله خبث فيحرق كلّه، ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هو يوم هم إلخ، والفتح لإضافته إلى غير متمكّن، وقيل: هو منصوب بتقدير: أعني، وقال بعض النحاة: ﴿يَوْمَ هُمْ﴾: بدل من ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ فيكون هنا حكاية من كلامهم على المعنى: ويقولون ذلك على سبيل الاستهزاء، ولو حكى لفظ قولهم.. لكان التركيب يوم نحن على النار نفتن.
وقرأ ابن أبي عبلة والزعفراني: ﴿يَوْمَ هُمْ﴾ بالرفع على البدل من ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾؛ أي (٢): يوم الجزاء هو يوم نعذب الكفار.
١٤ - وتقول لهم الخزنة: ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾ أي: عذابكم ﴿هَذَا﴾ العذاب هو العذاب ﴿الَّذِي كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾؛ أي: تستعجلون وقوعه استهزاءً، وتظهرون أنه غير كائن، و ﴿هَذَا﴾: مبتدأ، والموصول: خبره، والجملة: داخلة تحت القول المضمر، وهذا إشارة إلى ما في الفتنة من معنى العذاب؛ أي: هذا العذاب ما كنتم تستعجلون به في حياتكم الدنيا، وتقولون: متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء، ويجوز أن يكون ﴿هَذَا﴾ بدلًا من ﴿فِتْنَتَكُمْ﴾ بتأويله بالعذاب، و ﴿الَّذِي﴾: صفته.
١٥ - ولمّا ذكر سبحانه حال أهل النار.. ذكر حال أهل الجنة، فقال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾ عن الكفر والمعاصي والجهل والميل إلى ما سوى المولى، والمتصفين بالإيمان والطاعة والمعرفة والتوجّه إلى الحضرة العليا لكائنون ﴿فِي جَنَّاتٍ﴾؛ أي: بساتين لا يعرف كنهها، فالتنكير (٣): للتعظيم، ويجوز أن يكون للتكثير، كما
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.