بوالديه، مأمور أن يشكر نعمة الله عليه، وعلى والديه، وأن يعمل صالحًا، وأن يسعى في إصلاح ذرّيته، ويدعو الله أن يوفقه لعمل أهل الجنة.
١٧ - ولما ذكر سبحانه من شكر نعمة الله سبحانه عليه وعلى والديه.. ذكر من قال لهما قولًا يدل على التضجر منهما عند دعوتهما له إلى الإيمان، فقال: ﴿وَالَّذِي﴾: مبتدأ، خبره: قوله: ﴿أُولَئِكَ﴾؛ لأنَّ المراد به - أي: بالموصول - الجنس ﴿قَالَ لِوَالِدَيْهِ﴾ عند دعوتهما له إلى الإيمان، ويدخل فيه كل عبد سوءٍ عاقٍ لوالديه فاجرٍ لربّه ﴿أُفٍّ لَكُمَا﴾ و ﴿أُفٍّ﴾: (١) كلمة تصدر عن قائلها عند تضجره من شيء يرد عليه، وكراهيته له. و ﴿اللام﴾: لبيان المؤفف له، كما في ﴿هَيْت لَكَ﴾؛ أي: هذا التأفيف لكما خاصَّة. وقال الراغب: أصل الأفّ؛ كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر وما يجري مجراهما، ويقال ذلك لكل مستخفٍ به، استقذارًا له؛ أي: نتنًا وقبحًا لكما، أتضجر منكما. فـ ﴿اللام﴾ بمعنى: منْ.
وقرأ نافع وحفص (٢): ﴿أُفٍّ﴾ بكسر ﴿الفاء﴾ مع التنوين، وقرأ ابن كثير وابن عامر وابن محيصن: بفتحها من غير تنوين، وقرأ الباقون، بكسر من غير تنوين، وهي لغات. وقد مضى الكلام على ﴿أُفٍّ﴾ مدلولًا. ولغات، وقراءةً في سورة الإسراء مبسوطًا، وقرأ الجمهور: ﴿أَتَعِدَانِنِي﴾ بنونين خفيفتين الأولى مكسورة، وفتح ياءه أهل المدينة ومكة، وأسكنها الباقون، وقرأ الحسن وعاصم وأبو عمرو في روايةٍ، وهشامٌ، بإدغام نون الرفع في نون الوقاية، وقرأ نافع في رواية، وجماعةٌ: بنونٍ واحدةٍ، وقرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر بخلاف عنه، وعبد الوارث عن أبي عمرو وهارون بن موسى عن الجحدري وسامٌ عن هشام: بفتح النون الأولى، كأنهم فرَّوا من توالي الكسرتين والياء إلى الفتح؛ طلبًا للتخفيف، ففتحوا كما فرَّ من أدغم ومن حذف، وقال أبو حاتم: فتح النون باطل غلط.
وقرأ الجمهور: ﴿أَنْ أُخْرَجَ﴾ بضم الهمزة، وفتح الراء مبنيًا للمجهول، وقرأ الحسن وابن يعمر والأعمش وأبو العالية وابن مصرِّف والضحاك: بفتح الهمزة،
(٢) البحر المحيط.