صورته التي خلق عليها، حالة كون جبريل نازلا من السماء ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾ وذلك أنه رآه في صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)﴾ قال: رأى جبريل، وعلى قول ابن عباس يعني: نزلة أخرى هو أنه كانت للنبي - ﷺ - في تلك الليلة عرجات لمسألة التخفيف من أعداد الصلوات، فيكون لكل عرجة نزلة، فرأى ربه عز وجل في بعضها، وروي عن ابن عباس: أنه رأى ربه بفؤاده مرتين. وعنه: أنه رآه بعينه. انتهى من "الخازن".
وعبارة "الروح": قوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)﴾ الضمير البارز في "رآه" جبريل، و ﴿نَزْلَةً﴾ منصوب على الظرفية نصب الظرف الذي هو مرة، لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل، فكانت في حكمها.
والمعنى: وبالله لقد رأى محمد جبريل عليهما السلام على صورته الحقيقية مرة أخرى من النزول. وذلك أنه كان للنبي - ﷺ - في ليلة المعراج عرجات لمسألة التخفيف من أعداد الصلوات المفروضة، فيكون لكل عرجة نزله، فرأى جبريل في بعض تلك النزلات.
١٤ - ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤)﴾ وهو مقام جبريل. وكان قد بقي هنا عند عروجه - ﷺ - إلى مستوى العرش، وقال: "لو دنوت أنملة لاحترقت". قال النبي - ﷺ -: "رأيته عند سدرة المنتهي عليه ست مئة جناح، يتناثر منه الدر والياقوت". وقيل: رأى محمد ربه مرة أخرى بفؤاده عند سدرة المنتهى. و ﴿عِنْدَ﴾ يجوز أن يكون متعلقًا برأى، وأن يكون حالًا من المفعول المراد به: جبريل؛ لأنَّ جبريل لكونه مخلوقا يجوز أن يراه النبي - ﷺ - في مكان مخصوص. وهو سدرة المنتهى. وهي شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش، ثمرها كقلال هجر، وورقها كآذان الفيلة، ينبع من أصلها الأنهار التي ذكرها الله سبحانه في كتابه يسير الراكب في ظلها سبعين عامًا لا يقطعها. و ﴿الْمُنْتَهَى﴾ مصدر ميمي بمعنى الانتهاء، كما قال الزمخشري، أو اسم مكان بمعنى موضع الانتهاء، كأنها في منتهى الجنة. وقيل: ينتهي إليها الملائكة، ولا يتجاوزونها؛ لأنّ جبريل رئيس الملائكة إذا لم يتجاوزها فبالحري أن لا يتجاوزها غيره. فأعلاها لجبريل كالوسيلة لنبينا - ﷺ -. فكما أن خواص الأمة


الصفحة التالية
Icon