سبحانه، وقيل: الهمزة للإستفهام الاستخباري المضمن للإنكار، مقدمة من تأخير. والفاء: للإفصاح، والتقدير: إذا سمعتم ما أخبرته لكم من آثار كمال عظمة الله سبحانه في ملكه، وملكوته، وجلاله، وجبروته، ونفاذ أمره في العالم الأعلى وفيما تحت الثرى، وأردتم بيان ما تستحقون من التوبيخ والتقريع على شرككم، فأقول لكم: أرأيتم.
﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)﴾؛ أي: أخبروني عن حال آلهتكم هذه التي اتخذتموها معبودات، وتمكنتم على عبوديتها هل وجدتم فيها صفة من صفات الإلهية من الإيجاد، والإعدام، والنفع، والضر، وأمثالها؟ لا والله. بل اتخذتموها آلهة لغاية ظلوميتكم على أنفسكم، ونهاية جهوليتكم بالإله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. وقيل: المعنى: أفتظنون أن عبادتكم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى في الدنيا تنفعكم في الآخرة، أي: أخبروني عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله، هل لها قدرة توصف بها؟ وهل أوحت إليكم شيئًا كما أوحى الله إلى محمد، أم هي جمادات لا تعقل ولا تنفع. ثم ذكر هذه الأصنام الثلاثة التي اشتهرت في العرب، وعظم اعتقادهم فيها. قال الواحديّ وغيره: وكانوا يشتقون لها أسماء من أسماء الله تعالى. فقالوا من الله: اللات، ومن العزيز: العزّى. وهي تأنيث الأعز بمعنى العزيزة، ومناة من منى الله الشيء إذا قدره، وكان اللات بالطائف. وقيل: بنخلة، كانت قريش تعبده. روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان اللات رجلًا يلت السويق للحجاج. قيل: فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه.
وقيل: كان في رأس جبل له غنيمة يسلأ منها السمن، ويأخذ منها الأقط، ويجمع رسلها، ثم يتخذ حيسًا، فيطعم الحجاج. وكان ببطن نخلة، فلما مات عبدوه، وهو اللات، وقيل: كان رجلًا من ثقيف يقال له: صرمة بن غنم، وكان يسلأ السمن، فيضعه على صخرة، فتأتيه العرب، فتَلُتُّ به أسوقهم. فلما مات الرجل حولتها ثقيف إلى منازلها، فمرت الطائف على موضع اللات.
وأما العزى: فهو تأنيث الأعز، كانت لغطفان. وهي سمرة، كانوا يعبدونها، فبعث رسول الله - ﷺ - خالد بن الوليد، فقطعها، فجعل يضربها بالفأس، وهو يقول: