برسله. فاستعدوا لهذا اليوم في أن تندموا ولات ساعة مندم.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما عدد نعماءه على عباده (١)، وما يجب من شكرهم عليها، ثم أرشدهم إلى أن هذه النعم لا بقاء لها، ولا ثبات، ثم ذكر أن الناس محاسبون على الصغير والكبير من أعمالهم، وسيلقون الجزاء عليها، ولا مهرب حينئذٍ منها، ولا نصير لهم ينقذهم مما سيحل بهم عن العذاب.. ذكر هنا أنه إذا جاء ذلك اليوم اختل نظام العالم، فتتصدع السموات، ويحمر لونها، وتصير مذابة غير متماسكة، كالزيت ونحوه مما يدهن به، ويكون للمجرمين حينئذٍ علامات يمتازون بها عن سواهم، فيتعرفهم الرائي لهم دون حاجة إلى سؤال نكالًا وخزيًا لهم، ثم يجرون إلى جهنم من نواصيهم وأرجلهم، ويقال لهم توبيخًا وتقريعًا: هذه جهنم التي كنتم تكذبون بها، وينتقل بهم من جهنم إلى ماء حار كالمهل يشوي الوجوه، ومن عذاب إلى ما هو أشد منه.
أسباب النزول
سبب نزول هذه السورة؛ فيما قال مقاتل (٢): أنه لما نزل: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ﴾ الآية، قالوا: ما نعرف الرحمن. فنزلت: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)﴾.
وقيل: لما قالوا: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ أكذبهم الله تعالى، وقال: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ولمَّا (٣) كانت هذه السورة الكاملة شاملة لتعداد النعم الدنيوية والأخروية، والجسمانية والروحانية.. طرزها بطراز اسم الرحمن الذي هو اسم الذات المشتمل على جميع الأسماء والصفات ليسند إليه النعم المختلفة بعده، فقال: ﴿الرَّحْمَنُ (١)﴾ مرفوع على أنه مبتدأ، وما بعده من الأفعال مع ضمائرها أخبار له. وإخلاؤها عن العاطف لمجيئها على نمط التعداد، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي:

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon