لأنه ذكره مع الشجر في مقابلة الشمس والقمر، ولأنهما أرضيان في مقابلة سمائيين.
﴿وَالشَّجَرُ﴾ الذي له ساق يبقى في الشتاء. وفي "المنتقى": كل نابت إذا ترك حتى يبرز انقطع.. فليس بشجر، وكل شيء يبرز ولا ينقطع من سنته فهو شجر. ﴿يَسْجُدَانِ﴾؛ أي: ينقادان له تعالى فيما يريد بهما طبعًا انقياد الساجد من المكلفين طوعًا أو يسجد ظلهما على ما بين في قوله تعالى: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ﴾.
وذكر سبحانه هنا في مقابلة النعمتين السماويتين اللتين هما الشمس والقمر نعمتين أرضيتين (١)، وهما: النجم والشجر، وكلاهما من قبيل النبات الذي هو أصل الرزق من الحبوب، والثمار، والحشيش للدوابّ. وإخلاء الجمل الأولى عن العطف لورودها على منهاج التعداد تنبيهًا على تقاعده في الشكر، كما في قولك: زيد أغناك بعد فقر، أعزك بعد ذل، كثرك بعد قلة، فعل بك ما لم يفعل أحد بأحد. وأما عطف جملة ﴿وَالنَّجْمُ﴾ على ما قبلها فلتناسبها من حيث التقابل لما أن الشمس والقمر علويان، والنجم والشجر سفليان، ومن حيث إن كلا من حال العُلويين وحال السفليين من باب الانقياد لأمر الله تعالى. ولما كانت هذه الأربعة مغايرة لجنس الإنسان في ذاته وصفاته غير النظم بإيرادها في صورة الاسمية تحقيقًا للتغاير بينهما وضعًا، وطبعًا، وصورة، ومعنى.
والمعنى (٢): أي والزرع والشجر ينقادان لله سبحانه فيما أراد بهما طبعًا كما ينقاد المكلف اختيارًا. فما اختلاف ثمرهما في الشكل، والهيئة، واللون، والمقدار، والطعم، والرائحة إلا انقياد للقدرة التي أرادت ذلك. وقال الفرّاء (٣): المراد بسجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت، ثم يميلان معها حين ينكسر الفيء. وقال الزجاج: سجودهما دوران الظل معهما، كما في قوله: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ﴾. وقال الحسن، ومجاهد: المراد بالنجم: نجم السماء، وسجوده طلوعه.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.