والشعير، والذرة ﴿ذُو الْعَصْفِ﴾؛ أي: صاحب الورق على سنابلها، وسوقها لعلف الدواب. ﴿وَ﴾ فيها ﴿الرَّيْحَانُ﴾؛ أي: كل نبت مشموم تطيب رائحته. وقال الحسن: الريحان: هو ريحانكم هذا الذي يشم. وهو كل ما طابت رائحته من النبات، وعند الفقهاء: الريحان: ما لساقه رائحة طيبة كما لورقه، والورد ما لورقه رائحة طيبة فقط، كالياسمين، كذا في المغرب. وقال ابن الشيخ: الريحان: كل بقلة طيبة الرائحة، سميت ريحانًا؛ لأن الإنسان يراح لها رائحة طيبة أي: يشم.
وذكر أولًا الفاكهة (١)؛ لأنها للتفكه فحسب، ثم النخل لأن ثمرها فاكهة وغذاء، ثم الحب الذي عليه المعول في الغذاء في جميع البلاد. فهو أتم نعمة لموافقته لمزاج الإنسان. ومن ثم خلقه الله تعالى في سائر البلاد، وجعل النخل في البلاد الحارة دون غيرها.
قال أبو حيان: وبدأ بقوله (٢): ﴿فَاكِهَةٌ﴾ إذ هو من باب الابتداء بالأدنى، والترقي إلى الأعلى. ونكر لفظها؛ لأن الانتفاع بها دون الانتفاع بما يذكر بعدها. ثم ثنى بالنخل، فذكر الأصل، ولم يذكر ثمرتها، وهو التمر لكثرة الانتفاع بها من ليف، وسعف، وجريد، وجذوع، وجمار، وثمر. ثم أتى ثالثًا بالحب الذي هو قوام عيش الإنسان في أكثر الأقاليم. وهو البر، والشعير وكل ما له سنبل وأوراق متشعبة على ساقه. ووصفه بقوله: ﴿ذُو الْعَصْفِ﴾ تنبيهًا على إنعامه عليهم بما يقوتهم من الحب، ويوقت بهائهم من ورقه الذي هو التبن. وبدأ بالفاكهة، وختم بالمشموم، وبينهما النخل والحب ليحصل ما به يتفكه، وما به يتقوت، وما به تقع اللذاذة من الرائحة الطيبة. وذكر النخل باسمها، والفاكهة دون شجرها لعظم المنفعة بالنخل من جهات متعددة، وشجرة الفاكهة بالنسبة إلى ثمرتها حقيرة، فنص على ما يعظم به الانتفاع من شجرة النخل، ومن الفاكهة دون شجرتها، انتهى.
وقرأ الجمهور (٣): ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢)﴾ برفع الثلاثة عطفًا على المرفوع قبله. وقرأ ابن عامر، وأبو حيوة، وابن أبي عبلة بنصب الثلاثة؛ أي:
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.