تكذيب كل من الموصوف والصفة موجب للإنكار والتوبيخ. و ﴿ذَوَاتَا﴾ تثنية ذات بمعنى صاحبة. والأفنان جمع فنّ. وهو النوع من كل شيء، أي: ذواتا أنواع من الأشجار والثمار. أو جمع فنن. وهو الغصن المستقيم طولًا أو الذي يتشعب من فروع الشجرة؛ أي: ذواتا أغصان متشعبة من فروع الشجرة، وتخصيصها بالذكر؛ لأنها التي تورق، وتثمر، وتمد الظل، وتجتنى منها الثمار. يعني: أن في الوصف تذكيرًا لها على سبيل الكناية، كأنّه قيل: ذواتا أوراق وأثمار وأظلال. وقيل (١): معنى ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨)﴾: ذواتا فضل وسعة على ما سواهما، قاله قتادة. وقيل: الأفنان: ظل الأغصان على الحيطان، روي هذا عن مجاهد، وعكرمة.
٤٩ - ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٩)﴾ فإن كل واحد منهما.. ليس بمحل لتكذيب، ولا بموضع للإنكار.
٥٠ - ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (٥٠)﴾ صفة أخرى لجنتان، فصل بينهما بقوله: ﴿فبأيّ...﴾ إلخ، مع أنه لم يفصل به بين الصفات الكائنة من قبيل العذاب، حيث قال: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ﴾ مع أن إرسال النحاس غير إرسال الشواظ.
أي: في كل واحدة من الجنتين عين جارية من ماء غير آسن، وعين من خمر لذة للشاربين، قاله عطية. وقال الحسن: إحداهما السلسبيل، والأخرى التسنيم تجريان، وتسيلان، وتسقيان تلك الأشجار والأغصان. وقال (٢) أبو بكر الوراق رحمه الله: فيهما عينان تجريان لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الله عزَّ وجل، فتجريان في كل مكان شاء صاحبها، وإن علا مكانه كما تصعد المياه في الأشجار في كل غصن منها، وإن زاد علوها. وقيل: كل واحدة منهما مثل الدنيا أضعافًا مضاعفة.
٥١ - ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥١)﴾ فإنَّ من جملتها هذه النعمة الكائنة في الجنة لأهل السعادة.
٥٢ - ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢)﴾؛ أي: صنفان رطب ويابس، لا ينقص أحدهما عن الآخر لذّة وطيبًا، بخلاف ثمار الدنيا؛ فإنّ الطازج فيها ألذ طعمًا وأشهى مأكلًا. وقيل: صنفان معهود وغريب، لم يره أحد، ولم يسمع به. وقيل: صنفان حلو وحامض. وقيل: لونان. وقيل: صنفان في المنظر دون المطعم.
(٢) المراغي.