قامت القامة، وحدثت، وحصلت وذلك عند النفخة الثانية يكون من الأهوال ما لا يفي به المقال.
سمّاها (١) واقعة مع أنَّ دلالة اسم الفاعل على الحال، والقيامة مما سيقع في الاستقبال لتحقق وقوعها. ولذا اختار ﴿إِذَا﴾، وصيغة الماضي. فالواقعة من أسماء القيامة، كالصاخة، والطامة، والآزفة. سميت واقعة؛ لأنها كائنة لا محالة، أو لقرب وقوعها، أو لكثرة ما يقع فيها من الشدائد. وقال أبو الليث: سميت القيامة واقعة لصوتها. وقيل: منصوب باذكر محذوف، أي: إذكر وقت وقوع الواقعة، أو بالنفي المفهوم من
٢ - قوله: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)﴾؛ أي: لا يكون عند وقوعها تكذيب. والكاذبة مصدر كالعاقبة، أي: ليس لمجيئها وظهورها كذب أصلًا. وقيل: إنها شرطية، والعامل فيها الفعل الذي بعدها على تقدير فاء الربط لكون الجواب فعلًا جامدًا؛ أي: إذا وقعت الواقعة.. فليس هناك تكذيب لوقوعها لمشاهدتها كما وقع تكذيبها في الدنيا من المشركين. ويحتمل أن يكون الكاذبة اسم فاعل، واللام للتوقيت، والمعنى؛ أي: لا يكون عند وقوعها نفس تكذب على الله، وتفتري بالشريك، والولد، والصاحبة، وبأنه لا يبعث الموتى. لأن كل نفس حينئذٍ مؤمنة صادقة مصدقة، وأكثر النفوس اليوم كاذبة مكذبة.
ومعنى الآية (٢): أنها إذا وقت النفخة الآخرة عند البعث لم يكن هناك تكذيب بها أصلًا، أو لا يكون هناك نفس تكذب على الله، وتكذب بما أخبر عنه من أمور الآخرة. وقال الزجاج ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)﴾، أي: لا يردها شيء، وبه قال الحسن، وقتادة. وقال الثوري: ليس لوقعتها أحد يكذب بها. وقال الكسائي: ليس لها تكذيب؛ أي: لا ينبغي أن يكذب بها أحد.
وعبارة "المراغي": أي إذا قامت القيامة ليس لوقعتها ارتداد، ولا رجعة كالجملة الصادرة من ذي سطوة قاهر. قاله الحسن، وقتادة. وقد يكون المعنى: ليس في وقت وقوعها كذب. لأنّه حق لا شبهة فيه.
(٢) الشوكاني.