في ظل فلان أي: في كنفه وحفظه ورعايته. لأنه لا شمس في الجنة. انتهى. يقول الفقير (١): بل المراد من الظل: الراحة. كما في قوله تعالى: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا﴾. لأنّه إنما يجلس المرؤ في الظل للاستراحة، وكانت العرب يرغبون فيه لقلّته في بلادهم، وغلبة حرارة الشمس. ومنه قوله - ﷺ -: "السلطان ظل الله في أرضه، يأوي إليه كل مظلوم" أي: يستريح عند عدله. ومنه: قولهم: مدَّ الله ظلاله؛ أي: ظلال عدله ورأفته، حتى يصل أثر الاستراحة إلى الناس كلهم.
٣١ - ﴿وَ﴾ في ﴿مَاءٍ مَسْكُوبٍ﴾؛ أي: منصب، يسكب لهم، ويصب عليهم، يجري أينما شاؤوا، وكيفما أرادوا بلا تعب، لا ينقطع عنهم أبدًا. فهو مسكوب يسكبه الله سبحانه في مجاريه، أو مصبوب سائل، يجري على وجه الأرض في غير أخدود. يعني: كون الماء مسكوبًا كثيرًا إما عبارة عن كونه ظاهرًا مكشوفًا غير مختص ببعض الأماكن والكيفيات أو عن كونه جاريًا. وأكثر ماء العرب من الآبار والبرك، فلا يسكب. فلا يصلون إلى الماء إلا بالدلو والرشاء، فوعدوا بالماء الكثير الجاري، حتى يجري في الهواء على حسب الاشتهاء. كأنه مثل حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن، وحال أصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البواد إيذانًا بالتفاوت بين الحالين. فكما أنَّ بينما تفاوتًا فكذا بين حاليهما.
٣٢ - ﴿وَ﴾ في ﴿فَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ بحسب الأنواع، والأجناس، والألوان، والطعوم والروائح. دائمة في جحيع الأوقات
٣٣ - ﴿لَا مَقْطُوعَةٍ﴾ في وقت من الأوقات كما تنقطع فواكه الدنيا في بعض الأوقات. ﴿وَ﴾ مباحة لهم ﴿لَا مَمْنُوعَةٍ﴾ عمن أراد تناولها بوجه من الوجوه، كبعد المتناول، وانعدام ما يشتري به، وشوك في الشجر يؤذي من يقصد تناولها، وحائط يمنع الدخول إليها، ونحوها من المحظورات. بل هي معدة لمن أرادها، يحول بينه وبينها حائل. وفي الحديث: "ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة إلا أبدل الله مكانها ضعفين". وقرىء ﴿فاكهة كثيرة﴾ برفعهما؛ أي: وهناك فاكهة كثيرة.
٣٤ - ﴿وَ﴾ في ﴿فُرُشٍ﴾ جمع فراش. وهو ما يبسط، ويفرش. وقرأ الجمهور (٢) بضم الراء، وأبو حيوة بسكونها؛ أي: هم في بسط ﴿مَرْفُوعَةٍ﴾؛ أي: مرفوع بعضها
(٢) البحر المحيط.