تحت القول. و ﴿ثُمَّ﴾ للتراخي زمانًا أو رتبة. ﴿أَيُّهَا الضَّالُّونَ﴾ عن الحق والهدى ﴿الْمُكَذِّبُونَ﴾؛ أي: البعث. ووصفهم بوصفين قبيحين. وهما الضلال عن الحق، والتكذيب له.
٥٢ - ﴿لَآكِلُونَ﴾ بعد البعث، والجمع، ودخول جهنم ﴿مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ﴾ من الأولى لابتداء الغاية، والثانية لبيان الشجر. وتفسيره؛ أي: مبتدئون الأكل من شجر هو الزقوم. وهو شجر كريه المنظر والطعم، حار في اللمس، منتن في الرائحة، وهي الشجرة الملعونة في القرآن، ويقال: سدرة المنتهى، أغصانها نعيم لأهل الجنة، وأصولها زقوم، لأهل النار. فهي مبدأ اللطف، والقهر، والجمال، والجلال، ولا أصل لهذا الكلام، وبجوز (١) أن تكون "من" الأولى مزيدة، والثانية بيانية، وأن تكون الثانية مزيدة والأولى للابتداء.
٥٣ - ﴿فَمَالِئُونَ﴾ يقال: ملأ الإناء فهو مملوء، من باب قطع، والملاء بالكسر: مقدار ما يأخذ الإناء إذا امتلأ. ﴿مِنْهَا﴾؛ أي: من تلك الشجرة. والتأنيث باعتبار المعنى. ﴿الْبُطُونَ﴾؛ أي: بطونكم لما يلحقكم من شدة الجوع أو بالقسر. وفيه (٢) بيان لزيادة العذاب، وكماله؛ أي: لا يكتفى منكم بنفس الأكل كما يكتفي من يأكل الشيء تحلة القسم بمسمى الأكل، بل تلزمون بأن تملؤوا منها البطون؛ أي: يملأ كل واحد منكم بطنه أو بطون الأمعاء، والأول أظهر، والثاني أدخل في التعذيب.
٥٤ - ﴿فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ﴾؛ أي: على شجر الزقوم؛ أي: عقب ذلك بلا ريث لعطشكم الغالب. وتذكير الضمير هنا باعتبار لفظ الشجر؛ لأنه يذكر ويؤنث أو عائد إلى الزقوم. وبجوز (٣) أن يعود إلى الأكل المدلول عليه بقوله: ﴿لَآكِلُونَ﴾؛ أي: فشاربون على الزقوم عقب أكله ﴿مِنَ الْحَمِيم﴾؛ أي: من الماء الحار البالغ الغاية في الحرارة. وقرىء ﴿من شجرة﴾ بالإفراد.
٥٥ - ﴿فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥)﴾؛ أي: شربًا كشرب الإبل العطاش التي لا تروى لداء أصابها. وهذه الجملة كالتفسير والبيان لما قبلها؛ أي: لا يكون شربكم شربًا معتادًا، بل يكون مثل شرب الهيم. وهي الإبل التي بها الهيام، وهو داء (٤) يصيبها، يشبه الاستسقاء فتشرب ولا تروي إلى أن تموت أو تسقم سقمًا شديدًا، والهيم: جمع أهيم وهيماء، كحمر وأحمر وحمراء. فأصله:

(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon