ومعنى الآيات: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ...﴾ إلخ؛ أي (١): أيها الذين ضللتم فأصررتم على الذنب العظيم؛ إذ لم توحدوا الله سبحانه، ولم تفعلوا ما يوجب تعظيمه. ثم كذبتم رسله، فأنكرتم البعث والجزاء في هذا اليوم، إنكم لآكلون من شجر الزقوم فمالئون منها بطونكم، فشاربون بعد ذلك من ماء حار، لغلبة العطش عليكم، ولكنه شرب لا يشفي الغليل، ومن ثم تشربون، ولا ترتوون فكأنكم الإبل التي أصيبت بداء الهيام، فلا يروي لها الماء غليلًا، ثم بين أنه ليس هذا كل العذاب، بل هو أوله وقطعة منه. فقال: هذا الزقوم المأكول، والحميم المشروب أول الضيافة التي تقدم لهم، كما يقدم للنازل مما حضر. فما بالك بهم بعدما يستقر بهم المقام في الدار؟.
وفي الآية: إشارة إلى إفراط النفس والهوى في شرب ماء حميم الجهل والضلال، وفي أكل زقوم المشتهيات المورثة للوبال، ولغاية حرصها لا تزيد إلا جوعًا وعطشًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
الإعراب
﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦)﴾.
﴿إِذَا﴾ ظرف لما يستقبل من الزمان، ﴿وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ فعل، وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ ﴿إِذَا﴾، على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب المحذوف، تقديره: إذا وقعت الواقعة وقامت القيامة تكون يومئذٍ الأهوال الهائلة، والفظائع المختلفة، وجملة ﴿إِذَا﴾ الشرطية مستأنفة، وفي إعراب ﴿إِذَا﴾ هنا أوجه:
١ - إنها ظرف محض ليس فيها معنى الشرط، والعامل فيها ما في ليس من معنى النفي، كأنّه قيل: ينتفى التكذيب بوقوعها إذا وقعت، وعليه الزمخشري. وقد ردوا عليه بما لا يسعه كتابنا.
٢ - إن العامل فيها اذكر مقدرًا.

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon