﴿أَئِذَا مِتْنَا﴾ قرىء ﴿مُتنا﴾ بضم الميم. لأنَّ المستعمل الفاشي في هذه الفاعل: مات يموت بوزن فعل يفعل، قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح، ولما أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك التقى ساكنان: الألف والتاء لام الكلمة، فحذفت الألف لذلك، فاحتيج إلى معرفة هذه العين المحذوفة من الفعل الأجوف هل هي واو أو ياء؟ فحذفت حركة الفاء، وعوض عنها حركة مجانسة لتلك العين المحذوفة. وهي الضمة؛ لأن العين واو، فقيل: متنا بوزن فلنا. أما من قرأ ﴿مِتْنَا﴾ بكسر الميم فتوجيه ذلك أن في هذا الفعل لغة على فعل يفعل بكسر العين في الماضي والمضارع، ولما حذفت عينه لالتقاء الساكنين، كسرت فاؤه لتدل الكسرة على أن العين المحذوفة مكسورة كما قالوا: قلت من الكيل، وخفت من الخوف. فقولهم: ثنا بكسر الميم كثير الاستعمال شاذ في القياس. وقوله: ﴿متنا﴾ بضم الميم قليل الاستعمال غير شاذ في القياس، وفي الفعل أيضًا لغة ثالثة، حكاها الكوفيون. وهي أنه من باب فعل بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع. وعليه يتجه أيضًا كسر الميم كما في خفت.
﴿لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)﴾ أصله: موقات، قلبت الواو ياء لسكونها إثر كسرة. والميقات: هو الوقت المضروب للشيء ينتهي عنده أو يبتدأ فيه. ﴿مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ﴾ والزقوم: هو من أخبث الشجر المر ينبت في الدنيا بتهامة، وفي الآخرة ينبت في أصل الجحيم. وهو كريه المنظر، مر الطعم، منتن الرائحة. ﴿فَمَالِئُونَ﴾ اسم فاعل من ملأ الثلاثي. يقال: ملأ الأناء فهو مملوء من باب قطع. والمليء بالكسر: مقدار ما يأخذه الإناء إذا امتلأ. ﴿شُرْبَ الْهِيمِ﴾ وعبارة السمين: والهيم بكسر الهاء جمع أهيم للمذكر، وهيماء للمؤنث كحمر وأحمر وحمراء. وهو الجمل والناقة التي أصابها الهيام. وهو داء معطش تشرب الإبل منه إلى أن تموت، أو تسقم سقمًا شديدًا. والأصل: هيم بضم الهاء كحمر، قلبت الضمة كسرة لتصح الياء. وذلك نحو: بيض في أبيض، وبيضاء وفعل بضم الفاء جمع لأفعل، وفعلاء على حد قول ابن مالك:
فُعْلٌ لِنَحْوِ أَحْمَرٍ وحَمْرَا | وفِعْلَةٌ جَمْعًا بِنَقْلٍ يُدْرَى |