قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر الأدلة على الألوهية والبعث والجزاء.. أعقب ذلك بذكر الأدلة على النبوة، وصدق القرآن الكريم. وأقسم على هذا بما يرونه في مشاهداتهم من مساقط النجوم، إنه لكتاب كريم لا يمسّه إلا المطهرون، وأنه نزل من لدن حضرة القدس على يد جبريل عليه السلام. فكيف تتهاونون في اتباع أوامره، والانتهاء عن نواهيه، وتجعلون شكركم على هذا تكذيبكم بنعم الله تعالى، وجزيل فضله عليكم.
قوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (١) جحود الكافرين بآياته، وتكذيبهم رسوله وكتابه، وقولهم فيه: إنه سحر أو افتراء، واعتقادهم أن رزقهم من الأنواء.. أردف ذلك بتوبيخهم على ما يعتقدون، فإنه إذا كان لا بد للفعل من فاعل، وقد جحدتم الله، وكذبتم رسوله فالفاعل لهذا كله أنتم؛ لأنَّ الخالق إما الله وإما أنتم، فإذا نفيتم الله فأنتم الخالقون، وإذًا فلماذا لا ترجعون الروح لميتكم؟ وهو يعالج سكرات الموت. فإن كنتم صادقين فارجعوها، الحق إنكم لا تعقلون الدليل والبرهان، بل لا تفهمون إلا المحسوسات فلما لم تروا الفاعل كذبتم به، وهذا من شيمة الجهال. إذ للعلم وسائل عديدة. فليس عدم رؤية الشيء دليلًا عل عدم وجوده.
ثم بين حال المتوفى، ومن أي الأزواج الثلاثة هو؟. فإن كان من السابقين.. فله روح واطمئنان نفس علمًا منه بما سيلقاه من الجزاء، ورزق طيب في جنات النعيم. فيرى فيها ما تلذ الأنفس، وتقر به الأعين، وإن كان عن أصحاب اليمين.. فتسلم عليه الملائكة، وتعطيه أمانًا من ربه، وإن كان من أصحاب الشمال.. فضيافته ماء حميم، وعذاب في النار أبدًا.
ثم بين لرسوله - ﷺ - أن الخبر الذي أخبر به هو الحق اليقين، وعليه أن ينزه ربه العظيم عن كل ما لايليق به.

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon