وأبو السمال، ومحمد بن السميقع، والأشهب العقيلي بفتحها، من مني يمني. وهما لغتان. وقيل: معناهما مختلف. يقال: أمنى إذا أنزل عن جماع، ومني إذا أنزل عن احتلام. وسمي المني منيًا؛ لأنه يمنى؛ أي: يراق، وقد سبق في عبارة الروح معنى غير ما هنا.
وعبارة أبي حيان هنا (١): وجاء ﴿أَفَرَأَيْتُمْ﴾ هنا مصرحًا بمفعولها الأول، ومجيء جملة الاستفهام في موضع المفعول الثاني على ما هو المقرر فيها إذا كانت بمعنى أخبروني، وجاء بعد ﴿أَمْ﴾ جملة فقيل: ﴿أَمْ﴾ منقطعة. وليست المعادلة للهمزة، وذلك في أربعة مواضع هنا ليكون ذلك على استفهامين. فجواب الأول لا، وجواب الثاني نعم. فتقدر ﴿أَمْ﴾ على هذا: بل أنحن الخالقون؟ فجوابه نعم. وقال قوم من النحاة: ﴿أَمْ﴾ هنا معادلة للهمزة، وكان ما جاء من الخبر بعد ﴿نَحْنُ﴾ جيء به على سبيل التوكيد. إذ لو قال: أمْ نحن.. لوقع الاكتفاء به دون ذكر الخبر، انتهى.
ومعنى الآية (٢): أي أخبروني عمّا قذفتم به في الأرحام من النطف أأنتم تقدرونه بشرًا سويًّا تام الخلق أم الله الخالق لذلك؟. ولا شك أنهم لا يجدون إلا جوابًا واحدًا، لا ثاني له.
والخلاصة: أخبروني أيها المنكرون قدرة الله على إحيائكم بعد مماتكم عن النطف التي تمنون في أرحام نسائكم أأنتم تخلقونها أم نحن الخالقون لها؟
٦٠ - ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا﴾ قرأ الجمهور (٣): ﴿قَدَّرْنَا﴾ بالتشديد. وقرأ مجاهد، وحميد، وابن محيصن وابن كثير بالتخفيف. وهما لغتان. يقال: قدرت الشيء، وقدرته؛ أي: قسمنا. ﴿بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ﴾ وكتبناه عليكم، ووقتنا موت كل واحد بوقت معين حسبما تقتضيه مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة. فمنهم من يموت صغيرًا، ومنهم من يموت كبيرًا.
وعبارة الخطيب هنا: أي قضينا به، وأوجبناه، وكتبناه فلم نترك أحدًا منكم

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon